وقوله :
فإن أغش قوما بعده أو أزرهم |
|
فكالوحش يدنيها من الآنس المحل |
وقول الآخر :
والدّهر يقرعنى طورا وأقرعه |
|
كأنه جبل يهوى إلى جبل |
وقول الآخر :
كم من فؤاد كأنّه جبل |
|
أزاله عن مقرّه النّظر |
وقد يكون التشبيه بغير أداة التشبيه ؛ وهو كقول امرئ القيس (١) :
له أيطلا ظبى وساقا نعامة |
|
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل (٢) |
هذا إذا لم يحمل على التشبيه فسد الكلام ؛ لأنّ الفرس لا يكون له أيطلا ظبى ولا ساقا نعامة ولا غيره مما ذكره ، وإنما المعنى له أيطلان كأيطلى ظبى وساقان كساقى نعامة. وهذا من بديع التشبيه ؛ لأنه شبّه أربعة أشياء بأربعة أشياء فى بيت واحد ، وكذلك قول المرقش (٣) :
النّشر مسك والوجوه دنا |
|
نير وأطراف الأكفّ عنم |
فهذا تشبيه ثلاثة أشياء فى بيت واحد.
وضرب منه آخر ، ومنه قول امرئ القيس (٤) :
سموت إليها بعد ما نام أهلها |
|
سموّ حباب الماء حالا على حال |
فحذف حرف التشبيه.
ثم نورد هاهنا شيئا من غرائب التشبيهات وبدائعها ، ليكون مادة لمن يريد العمل برسمنا فى هذا الكتاب ؛ فمن بديع التشبيه قول امرئ القيس (٥) :
__________________
(١) ديوانه ٣٦.
(٢) أيطلا ظبى : خاصرتاه. والسرحان : الذئب. وإرخاؤه : مده عنقه مسترسلا. والتتفل : ولد الثعلب. وتقريبه : جمع يديه ووثبه.
(٣) الشعر والشعراء : ١٦٥
(٤) ديوانه : ٥٢.
(٥) ديوانه : ٦٤ ، معاهد التنصيص : ٢ ـ ٣٠.