ويعجل (١) الشّاوون من خماطه |
|
ويطبخ الطابخ من أسقاطه (٢) |
حتى علا فى الجوّ من شياطه (٣) |
فانظر إليه كيف يتصرّف بين الشدّة واللّين ، ويضع كلّ واحد منهما فى موضعه ، ويستعمله فى حينه.
وقوله : «ولا يكلم سيد الأمّة بكلام الأمة ، ولا الملوك بكلام السّوقة». لأنّ ذلك جهل بالمقامات ، وما يصلح فى كلّ واحد منهما من الكلام. وأحسن الذى قال : لكلّ مقام مقال. وربما غلب سوء الرأى ، وقلة العقل على بعض علماء العربية ؛ فيخاطبون السّوقىّ والمملوك والأعجمىّ بألفاظ أهل نجد ، ومعانى أهل السراة ؛ كأبى علقمة إذ قال لحجّامه : اشدد قصب الملازم (٤) ، وأرهف ظباة المشارط ، وأمرّ المسح ، واستنجل الرشح (٥) ، وخفّف الوطء ، وعجّل النّزع ، ولا تكرهنّ أبيّا ، ولا تمنعنّ أتيّا. فقال له الحجّام : ليس لى علم بالحروب.
ورأى الناس قد اجتمعوا عليه ، فقال : ما لكم تكأكأتم علىّ كأنكم قد تكأكأتم على ذى جنّة ، افرنقعوا (٦) عنى.
وأخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن على بن محمد الأسدى ، عن محمد بن أبى المغازل الضبى ، عن أبيه ، قال : كان لنا جار بالكوفة لا يتكلّم إلا بالغريب ، فخرج إلى ضيعة له على حجر (٧) معها مهر ، فأفلتت ، فذهبت ومعها مهرها ، فخرج يسأل
__________________
(١) فى الديوان «ويخمط» ، من خمط اللحم يخمطه خمطا فهو خميط إذا شواه.
(٢) السقط : ما أسقط من الشىء ، وما لا خير منه وجمعه أسقاط.
(٣) شاط : احترق أو نضج حتى كاد يهلك.
(٤) الملازم. جمع ملزم ، بكسر الميم وإسكان اللام : خشبتان تشد أوساطها بحديدة.
(٥) الظبات : واحده ظبة وهى حد سيف أو سنان ونحوه. والمشارط : مبضع الحجام الذى يشرط به الجلد ، واستنجل الرشح : استخرجه. أمر الحبل : أجاد فتله ، والمراد الإحكام.
(٦) تكأكأ ـ بالهمز : تجمع. وافرنقعوا : اذهبوا.
(٧) الحجر : الأنثى من الخيل.