أى صار إليك المجد بتمامه ؛ وقد يكون كثيرا غير تام.
وقوله تعالى : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) ، حقيقته إذا انتشر ، وتنفّس أبلغ لما فيه من بيان الرّوح عن النفس عند إضاءة الصّبح ؛ لأن لليل كربا وللصبح تفرّجا. قال الطرماح :
على أنّ للعينين فى الصّبح راحة |
|
بطرحهما طرفيهما كلّ مطرح |
والراحة التى يجدها الإنسان عند التنفس محسوسة.
وقوله تعالى : (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) ، حقيقته أزعجوا ، والزلزلة أبلغ ، لأنها أشد من الازعاج ومن كل لفظة يعبر بها عنه أيضا.
وقوله تعالى : (أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) ، حقيقته صبّرنا ، والاستعارة أبلغ ؛ لأن الإفراغ يدل على العموم ، معناه ارزقنا صبرا يعمّ جميعنا كإفراغك الماء على الشىء فيعمّه.
وقوله سبحانه : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) ، حقيقته حصلت ، إلا أن للضرب تبيينا ليس للحصول ، وقالوا : ضرب على فلان البعث ، أى أوجب وأثبت عليه ، والشىء يثبت بالضرب ولا يثبت بالحصول ، والضرب أيضا ينبئ عن الإذلال والنقص ، وفى ذلك الزّجر وشدة النقير عن حالهم.
وقوله تعالى : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) ، حقيقته غفلوا عنه ، والاستعارة أبلغ ؛ لأن فيه إخراج ما لا يرى إلى ما يرى ، ولأن ما حصل وراء ظهر الإنسان فهو أحرى بالغفلة عنه مما حصل قدامه.
وقوله تعالى : (أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) ، حقيقته ذات سرور ، والاستعارة أبلغ ؛ لأن العادة جرت فى الأعياد بتوفير السرور عند الصّغير والكبير ، فتضمن من معنى السرور ما لا تتضمّنه الحقيقة.
وكذلك قوله عز اسمه : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا). وقوله تعالى : (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) ، أخرج ما لا يرى من تنقّصهم بآيات القرآن إلى الخوض الذى يرى. وعبّر عن فعل إبليس الذى لا يشاهد بالتدلّى من العلوّ إلى سفل وهو مشاهد. ولما كانوا يتكلمون فى آيات القرآن ، ويتنقصونها بغير بصيرة شبّه ذلك بالخوض ؛ لأن الخائض يطأ على غير بصيرة.
وكذلك قوله تعالى : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) ، حقيقته خطأ ؛ لأن الاعوجاج