فى يدى غيره ، وأشرب قلبه الإشفاق فهو يحسد على القليل ، ويسخط الكثير ، جذل الظاهر ، حزين الباطن. فإذا وجبت نفسه ، ونضب عمره ، وضحا ظلّه ، حاسبه الله عزوجل فأشد حسابه ، وأقل عفوه.
وكتب خالد بن الوليد رضى الله عنه إلى مرازبة فارس : الحمد لله الذى فضّ خدمتكم (١) ، وفرّق كلمتكم.
وقالت عائشة رضى الله عنها : كان عمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ديمة (٢). وقال الحجاج : دلونى على رجل سمين الأمانة ، أعجف الخيانة. وقال عبد الله بن وهب الراسبى لأصحابه : لا خير فى الرأى الفطير ، والكلام العضيب (٣) ؛ فلما بايعوه ، قال : دعوا الرأى يغبّ فإن غبوبه يكشف لكم عن محضه. وقيل لأعرابى : إنك لحسن الكدنة ؛ (٤) قال : ذاك عنوان نعمة الله عندى. وقال أكثم بن صيفى : الحلم دعامة العقل. وسئل عن البلاغة فقال : دنوّ المأخذ ، وقرع الحجة ، وقليل من كثير. وقال خالد بن صفوان لرجل : رحم الله أباك ، فإنه كان يقرى العين جمالا ، والأذن بيانا. وقيل لأعرابية : أين بلغت قدرك ، قالت : حين قام خطيبها. وقيل لأعرابية : كم أهلك؟ قالت : أب وأم وثلاثة أولاد ، أنا سبيل عيشهم. وقيل لرؤبة : كيف تركت ما وراك؟ قال : التراب يابس ، والمال عابس. وقال المنصور لبعضهم : بلغنى أنك يخيل ، فقال : ما أجمد فى حق ، ولا أذوب فى باطل. وقال إبراهيم الموصلى : قلت للعباس بن الحسن : إنى لأحبك قال : رائد ذاك عندى. وقال بعضهم : الاستطالة لسان الجهالة. وقال يحيى بن خالد : الشكر كفء النعمة. وقال أعرابى : خرجت فى ليلة حندس ، ألقت على الأرض أكارعها ، فمحت صورة الأبدان ؛ فما كنا نتعارف
__________________
(١) الخدمة : الحلقة المستديرة.
(٢) الديمة : المطر الدائم فى سكون ، شبهت عمله صلىاللهعليهوسلم فى دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر الدائم ، وأصل الحديث : وسئلت رضى الله عنها عن عمل سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعبادته فقالت : كان عمله ديمة.
(٣) قوله العضيب : من العضب وذلك بمعنى القطع.
(٤) رجل ذو كدنة : إذا كان غليظا سمينا.