إلا بالآذان. وقال أعرابى لآخر : يسار النفس خير من يسار المال ، ورب شبعان من النّعم ، غزثان (١) من الكرم. وغزت نميرا حنيفة فاتبعتهم نمير ، فأتوا عليهم ، فقيل لرجل : كيف كان القوم؟ فقال : اتبعوهم والله رفدا حقبوا كل جماليّة خيفانة ، فما زالوا يحصفون آثار المطى بحوافر الخيل ؛ فلما لقوهم جعلوا المرّان أرشية الموت ، فاستقوا بها أرواحهم (٢). وقال آخر : فلان أملس ، ليس فيه مستقر لخير ، ولا لشر. وقال أحمد بن يوسف وقد شتمه (٣) رجل بين يدى المأمون : رأيته يستملى ما يلقانى به من عينيك. وقيل لأعرابى : أى الطعام أطيب؟ قال : الجوع أبصر. ومدح أعرابى رجلا فقال : كان يفتح من الرأى أبوابا منسدة ، ويغسل من العار وجوها مسودّة. ومدح أعرابى رجلا فقال : كان والله إذا عرضت له زينة الدنيا هجّنتها زينة الحمد عنده ؛ وإن للصنائع لغارة على أمواله كغارة سيوفه على أعدائه. ومدح أعرابى قوما فقال : أولئك غرر تضىء من ظلم الأمور المشكلة ، قد صغت آذان المجد إليهم. وقال أعرابى يمدح رجلا : إنه ليعطي عطاء من يعلم أن مادته. ومدح أعرابى رجلا ، فقال : لسانه أحلى من الشهد ، وقلبه سجن للحقد. ومدح أعرابى رجلا فقال : إن أسأت إليه أحسن ، وكأنه المسيء ، وإن أجرمت إليه غفر ، وكأنه المجرم ، اشترى بالمعروف عرضه من الأذى ؛ فهو وإن كانت له الدنيا بأسرها فوهبها ، رأى بعد ذلك عليه حقوقا ؛ لا يستعذب الخنا ، ولا يستحسن غير الوفا (٤).
وذم أعرابى رجلا فقال : يقطع نهاره بالمنى ، ويتوسد ذراع الهمّ إذا أمسى. وذم أعرابى رجلا فقال : إن فلانا ليقدم على الذنوب إقدام رجل قدم فيها نذرا ، أو يرى أنّ فى إتيانها عذرا. وقال أعرابى لرجل : لا تدنس شعرك بعرض فلان ؛
__________________
(١) الغرث : أيسر الجوع.
(٢) الحقب ، بالتحريك : الحزام الذى يلى حقو البعير.
وناقة جمالية : وثيقة الخلق. والخيفانة : الفرس. حصفته : أقصيته. والمران : الرماح الصلبة.
(٣) فى ط : «شمه» ، وصوابه من ب.
(٤) العبارة مضطربة فى ط ، وصوابها من ب.