وقيل لأبى داود ـ وابنته تسوس دابته ـ فى ذلك ، فقال : كما أكرمتها بهوانى ، معناه إن كانت تصوننى عن سياسة دابّتى وتتبذّل منى ، فها إنى أصونها وأتبذّل دونها بالقيام فى أمر معاشها ، وإصلاح حالها ؛ فأخذ اللفظ بعضهم فقال فى السلطان :
أهين لهم نفسى لأكرمها بهم |
|
ولن تكرم النفس التى لا تهينها |
وقال بعضهم لعليل : إن أعلّك الله فى جسمك ، فقد أصحّك من ذنوبك.
وقال بعضهم : الكريم واسع المغفرة ؛ إذا ضاقت المعذرة.
وقال كثير بن هراسة يوما لابنه : يا بنىّ ، إنّ من الناس ناسا ينقصونك إذا زدتهم ، وتهون عليهم إذا أكرمتهم ؛ ليس لرضاهم موضع فتقصده ، ولا لسخطهم موقع فتحذره ؛ فإذا عرفت أولئك بأعيانهم فأبدلهم وجه المودة ، وامنعهم موضع الخاصة ؛ ليكون ما أبديت لهم من وجه المودة حاجزا دون شرّهم ، وما منعتهم من موضع الخاصة قاطعا بحرمتهم.
وقال خالد بن صفوان لرجل يصف له رجلا : ليس له صديق فى السر ، ولا عدوّ فى العلانية.
وقال آخر : فى العمل ما هو ترك للعمل ، ومن ترك العمل ما هو أكثر العمل (١).
وقال آخر : إنّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
وقال الحسن : كثرة النّظر إلى الباطل تذهب بمعرفة الحق من القلب.
وقال سهل بن هارون : من طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى توفيه رزقه فيها ، ومن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه منها.
وكتب رجل إلى محمد بن عبد الله : إنّ من النّعمة على المثنى عليك ألا يخاف الإفراط ، ولا يأمن التّقصير ، ولا يحذر أن تلحقه نقيصة الكذب ، ولا ينتهى به المدح إلى غاية إلّا وجد فى فضلك عونا على تجاوزها.
__________________
(١) فى ط «أكبر» ، وهذا عن ا.