الفصل الثّالث

فى ذكر التجنيس

التجنيس أن يورد المتكلم كلمتين تجانس كلّ واحدة منهما صاحبتها فى تأليف حروفها على حسب ما ألّف الأصمعى كتاب الأجناس. فمنه ما تكون الكلمة تجانس الأخرى لفظا واشتقاق معنى ، كقول الشاعر :

خلجت : أى جذبت ، والخليج : بحر صغير يجذب الماء من بحر كبير ؛ فهاتان اللفظتان متفقتان فى الصيغة واشتقاق المعنى والبناء (١) ، ومنه ما يجانسه فى تأليف الحروف دون المعنى ، كقول الشاعر (٢) :

فأرفق به ان لوم العاشق اللّوم

وشرط بعض الأدباء من هذا الشرط فى التجنيس وخالفه فى الأمثلة فقال : وممّن جنس تجنيسين فى بيت زهير ، فى قوله (٣) :

وليس المأمور والآمر والمطيع المطاع من التجنيس ، لأن الاختلاف بين هذه الكلمات لأجل أنّ بعضها فاعل ، وبعضها مفعول به ؛ وأصلها إنما هو الأمر والطاعة.

وكتاب الأجناس الذى جعلوه لهذا الباب مثالا إنما يصف على هذه السبيل ، ويكون المطيع مع المستطيع ، والآمر مع الأمير تجنيسا. وجعل أيضا من التجنيس قول الآخر :

__________________

(١) فى ا : «فى الصنعة والبناء واشتقاق المعنى».

(٢) مسلم بن الوليد ، هامش ط ، وصدره :

يا صاح إن أخاك الصب مهموم

(٣) ديوانه : ١٠٨ ، يصف قوما بالحزم.