الفصل الخامس
فى صحة التقسيم
التقسيم |
التقسيم الصحيح : أن تقسّم الكلام قسمة مستوية تحتوى على جميع أنواعه ، ولا يخرج منها جنس من أجناسه ؛ فمن ذلك قول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) ، وهذا أحسن تقسيم ؛ لأنّ الناس عند رؤية البرق بين خائف وطامع ، ليس فيهم ثالث.
ومن القسمة الصحيحة قول أعرابى لبعضهم : النعم ثلاث ؛ نعمة فى حال كونها ، ونعمة ترجى مستقبلة ، ونعمة تأتى غير محتسبة ؛ فأبقى الله عليك ما أنت فيه ، وحقق ظنك فيما ترتجيه ، وتفضل عليك بما لم تحتسبه ، فليس فى أقسام النعم التى يقع الانتفاع بها قسم رابع سوى هذه الأقسام.
ووقف أعرابى على مجلس الحسن ، فقال : رحم الله عبدا أعطى من سعة ، أو آسى من كفاف ، أو آثر من قلّة. فقال الحسن : ما ترك لأحد عذرا ؛ فانصرف الأعرابى بخير كثير.
وقول إبراهيم بن العباس : وقسم الله تعالى عدوه أقساما ثلاثة ؛ روحا معجّلة إلى عذاب الله ، وجثة منصوبة لأولياء الله ، ورأسا منقولا إلى دار خلافة الله. ليس لهذه الأقسام رابع أيضا ؛ فهى فى نهاية الصحة.
ومن المنظوم قول نصيب (١) :
فقال فريق القوم. لا ، وفريقهم |
|
نعم ، وفريق لا يمن الله ما ندرى |
__________________
(١) نقد الشعر : ٧٨ ، واللسان (يمن) وروايته فيه :
فقال فريق القوم لما نشدتهم |
|
نعم وفريق ليمن الله ما ندرى |