كانسا وراتعا والكانس سمينا وهزيلا ، وما أعرف لهذا شبها إلا قول كيسان حين سأل فقال : علقمة بن عبدة ، جاهلى أو من بنى تميم؟
ومثله ما كتب بعضهم : فمن بين جريح مضرج بدمائه ، وهارب يلتفت إلى ورائه ؛ فالجريح قد يكون هاربا ، والهارب قد يكون جريحا ؛ ولو قال : «فمن قتيل» لصح المعنى ومثله قول قيس بن الخطيم :
وسلوا ضريح الكاهنين ومالكا |
|
كم فيهما من دارع ونجيب |
ليس النجيب من الدارع فى شيء.
وقريب منه قول الأخطل :
إذا التقت الأبطال أبصرت لونه |
|
مضيئا وأعناق الكماة خضوع |
كان ينبغى أن يقول : وألوان الكماة كاسفة ، و «مضيئة» مع «خضوع» رديء جدا.
ومن القسمة الرديئة قول جرير (١) :
صارت حنيفة أثلاثا فثلثهم |
|
من العبيد وثلث من موالينا |
فأنشده ورجل من حنيفة حاضر ، فقيل له : من أى قسم أنت. فقال : من الثلث الملغى ذكره.
ومن هذا الجنس ما ذكره قدامة أن ابن ميادة كتب إلى عامل من عماله هرب من صارفه : إنك لا تخلو فى هربك من صارفك أن تكون قدّمت إليه إساءة خفته معها ، أو خشيت فى عملك خيانة رهبت بكشفه إياك عنها ؛ فإن كنت أسأت
فأول راض سنة من يسيرها (٢)
وإن كنت خفت خيانة فلا بد من مطالبتك بها.
فكتب العامل تحت هذا التوقيع : فى الأقسام ما لم يدخل فيما ذكرته ، وهو أنى خفت ظلمه إياى بالبعد عنك ، وتكثيره علىّ الباطل عندك ؛ فوجدت الهرب إلى حيث يمكننى فيه دفع ما يتخرّصه أنفى للظّنة عنى ، وبعدى عمّن لا يؤمن ظلمه أولى بالاحتياط لنفسى.
__________________
(١) نقد الشعر : ١١٨.
(٢) نقد الشعر ٩٠.