أذيال التّغاضى ، وأنت مع ذلك دائب لا تقوّم اعوجاج مذاهبك ، ولا يعطف بك الرأى إلى رشدك ؛ فلمّا فنيت حيلتي فيك ، وانقطعت أسباب أملى منك ، ورأيت الداء لا يزيد على التعهّد بالدواء إلّا فسادا ، والخرق على التّرقيع إلا اتّساعا قدّمت اليأس منك على الرجاء فيك ، واحتسبت أيّامى السالفة فى استصلاحى لك.
وقوله : وحقّ المعنى أن يكون له الاسم طبقا ؛ أى يكون الاسم طبقا للّفظ بقدر المعنى غير زائد عليه ، ولا ناقص عنه. وكأن ذلك من قول امرئ القيس (١) :
طبق الأرض تحرّى وتدرّ
أى هى على الأرض كالطّبق على الإناء لا ينقص منه شيء. وسنأتى بالكلام على هذا فى فصل الإيجاز إن شاء الله.
وقوله : ولا يكون الاسم فاضلا ولا مقصّرا. فهذا داخل فى الأوّل من قوله : وحق المعنى أن يكون الاسم له طبقا.
ومثال الفاضل من اللفظ عن المعنى قول عروة بن أذينة (٢) :
واسق العدوّ بكأسه واعلم له |
|
بالغيب أن قد كان قبل سقاكها |
واجز الكرامة من ترى أن لوله |
|
يوما بذلت كرامة لجزاكها |
ومعنى هذا الكلام محصور تحت ثلاث كلمات : أجز كلّا بفعله. وكان السكوت لعروة خيرا منه.
ومن الكلام الفاضل لفظه عن معناه قول أبى العيال الهذلى (٣) :
ذكرت أخى فعاودنى |
|
صداع الرأس والوصب |
فذكر الرأس مع الصداع فضل.
وقول أوس بن حجر (٤) :
وهم لمقلّ المال أولاد علّة |
|
وإن كان محضا فى العمومة مخولا |
فقوله : «المال» مع «المقلّ» فضلة.
__________________
(١) ديوانه : ١٣١ واللسان ، مادة طبق ، وصدره :
ديمة هطلاء فيها وطف
(٢) الموشح ٢١٢
(٣) شعراء الهذليين : ٢ ـ ٢٤٢.
(٤) الموشح ٩٠