الفصل الثامن
فى الأرداف والتوابع
الأرداف والتوابع |
الأرداف والتوابع : أن يريد المتكلم الدلالة على معنى فيترك اللفظ الدالّ عليه ، الخاص به ، ويأتى بلفظ هو ردفه وتابع له ، فيجعله عبارة عن المعنى الذى أراده ، وذلك مثل قول الله تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) ، وقصور الطرف فى الأصل موضوعة للعفاف على جهة التوابع والأرداف ؛ وذلك أن المرأة إذا عفّت قصرت طرفها على زوجها ، فكان قصور الطرف ردفا للعفاف ، والعفاف ردف وتابع لقصور الطرف.
وكذلك قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) ، وذلك أنّ الناس يتكافّون عن الحرب من أجل القصاص فيحيون فكأن حياتهم ردف للقصاص الذى يتكافّون عن القتل من أجله ؛ ونحوه قول الشاعر :
وفى العتاب حياة بين أقوام
ومن ذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد سئل عن الفرع ، فقال : «حق ، وإن تتركه حتى يكون ابن مخاض أو ابن لبون خير من أن تكفىء إناءك ، وتولّه ناقتك ؛ وتدعه يلصق لحمه بوبره» (١).
الفرع : أول شيء تنتجه الناقة ، وكانوا يذبحونه لله عزوجل. فقال : هو حق ، إلا أنه ينبغى أن يترك حتى يكون ابن مخاض أو ابن لبون فيصير للحمه طعم ، وقال «هو خير من أن تكفىء إياك» فهذه من الإرداف أراد أنك إذا ذبحته حين تضعه أمّه بقيت الأم بلا ولد ترضعه فانقطع لبنها ؛ فردف ذلك أن يخلو إناؤك من اللبن ، فكأنك قد كفأته. ومثله قول امرئ القيس (٢) :
__________________
(١) الحديث فى نهاية ابن الأثير ، وروايته هناك : «أنه سئل عن الفرع فقال : حق ، وإن تتركه حتى يكون ابن مخاض أو ابن لبون خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره».
(٢) ديوانه : ١٦٠.