الفصل العاشر
فى الغلو
الغلو |
الغلو تجاوز حد المعنى والارتفاع فيه إلى غاية لا يكاد يبلغها ؛ كقول الله تعالى : (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ). وقال تأبط شرا (١) :
ويوم كيوم العيكتين (٢) وعطفة |
|
عطفت وقد مسّ القلوب الحناجر |
وقال الله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) ، بمعنى لتكاد تزول منه. ويقال إنها فى مصحف ابن مسعود مثبته ؛ وقد جاءت فى القرآن مثبتة وغير مثبتة. قال الله تعالى : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ.)
وقال الشاعر (٣) :
يتقارضون إذا التقوا فى موطن |
|
نظرا يزيل مواطئ الأقدام (٤) |
وكاد إنما هى للمقاربة ، وهى أيضا مع إثباتها توسع ؛ لأن القلوب لا تقارب البلوغ إلى الحناجر وأصحابها أحياء.
وقوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) ، وهذا إنما هو على البعيد ؛ ومعناه لا يدخل الجمل فى سمّ الخياط ولا يدخل هؤلاء الجنة.
ومثله قول الشاعر (٥) :
إذا زال عنكم أسود العين (٦) كنتم |
|
كراما وأنتم ما أقام ألائم |
وقول الآخر (٧) :
فرجّى الخير وانتظرى إيابى |
|
إذا ما القارظ العنزىّ آبا |
__________________
(١) مهذب الأغانى : ١ ـ ٢٢٤.
(٢) العيكتان : اسم موضع ، وأورد ياقوت ، اللسان ـ مادة عيك ، لتأبط شرا قوله :
ليلة صاحوا وأغروا بى سراعهم |
|
بالعيكتين لدى معدى ابن براق |
(٣) اللسان (قرض).
(٤) أراد نظر بعضهم إلى بعض بالعداوة والبغضاء.
(٥) اللسان (لأم).
(٦) أسود العين : جبل
(٧) اللسان (قرظ) ، وهو بشر بن أبى خازم.