وقول ابن الرّومى فى مغنّ :
مجلسه مأتم اللذاذة وال |
|
قصف وعرس الهموم والسقم |
ينشدنا اللهو عند طلعته |
|
«من أوحشته الديار لم يقم» |
وكقول جحظة :
أصبحت بين معاشر هجروا الندى |
|
وتقبّلوا الأخلاق عن أسلافهم |
قوم أحاول نيلهم فكأنّما |
|
حاولت نتف الشّعر من آنافهم |
هات اسقينها بالكبير وغنّنى |
|
«ذهب الذين يعاش فى أكنافهم» |
وباقى كلامه يتضمّن صفة المتكلم لا صفة الكلام. إلا قوله : ويكون تصفّحه لموارده بقدر تصفّحه لمصادره. وسنأتى على الكلام فى هذا ونستقصيه فى فصل المقاطع والمبادى.
وقال بعض الحكماء : البلاغة قول يسير ، يشتمل على معنى خطير. وهذا مثل قول الآخر : البلاغة حكمة تحت قول وجيز. وقول الآخر : البلاغة علم كثير فى قول يسير.
ومثاله قول الأعرابى ، وقد سئل عن مال يسوقه ، لمن هو؟ فقال : لله فى يدى. فأىّ شيء لم يدخل تحت هذا الكلام القليل من الفوائد الخطيرة ، والحكم البارعة الجسيمة.
وقال الله عزوجل اسمه : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). قد دخل تحت قوله : فهو حسبه من المعانى ما يطول شرحه من إيتاء ما يرجى ، وكفاية ما يخشى.
وهذا مثل قوله عزوجل : وفيها ما تشتهى (الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ).
وسئل بعض الأوائل : ما كان سبب موت أخيك؟ قال : كونه. فأحسن ما شاء.