الفصل الثّانى عشر
فى الكناية والتعريض
الكناية والتعريض |
وهو أن يكنى عن الشىء ويعرّض به ولا يصرح ، على حسب ما عملوا باللّحن والتّورية عن الشىء. كما فعل العنبرى إذ بعث إلى قومه بصرّة شوك وصرّة رمل وحنظلة ، يريد : جاءتكم بنو حنظلة فى عدد كثير ككثرة الرمل والشوك.
وفى كتاب الله تعالى عزوجل : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، فالغائط كناية عن الحاجة ، وملامسة النساء كناية عن الجماع.
وقوله تعالى : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) كناية عن النّساء.
ومن مليح ما جاء فى هذا الباب قول أبى العيناء ، وقيل له : ما تقول فى ابنى وهب؟ قال : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) سليمان أفضل ، قيل : وكيف؟ قال : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
من التعريض الجيد |
ومن التعريض الجيد ما كتب به عمرو بن مسعدة إلى المأمون : أما بعد ، فقد استشفع بى فلان إلى أمير المؤمنين ، ليتطوّل عليه فى إلحاقه بنظرائه من المرتزقين فيما يرتزقون ، فأعلمته أنّ أمير المؤمنين لم يجعلنى فى مراتب المستشفع بهم ، وفى ابتدائه بذلك تعدّى طاعته والسلام. فوقع فى كتابه : قد عرفنا تصريحك له ، وتعريضك بنفسك ، وأجبناك إليهما ، وأوقفناك عليهما.
ومن المنظوم قول بشّار :
وإذا ما التقى ابن نهيا وبكر |
|
زاد فى ذا شبر وفى ذاك شبر |
أراد أنهما يتبادلان ، وقال آخر فى ابن حجام :
أبوك أب ما زال للناس موجعا |
|
لأعناقهم نقرا كما ينقر الصّقر |