وكتب رجل إلى أخ له : أما بعد ، فقد أصبح لنا من فضل الله تعالى ما لا نحصيه ، ولسنا نستحى من كثرة ما نعصيه ، وقد أعيانا شكره ، وأعجزنا حمده ، فما ندرى ما نشكر : أجميل ما نشر ، أم قبيح ما ستر ، أم عظيم ما أبلى ، أم كثير ما عفا ، فاستزد الله من حسن بلائه بشكره على جميع آلائه. فقوله : «فما ندرى ما نشكر» تذييل لقوله «قد أعيانا شكره».
وكتب سليمان بن وهب لبعضهم : بلغنى حسن محضرك ، فغير بديع من فضلك ، ولا غريب عندى من برّك ؛ بل قليل اتّصل بكثير ، وصغير لحق بكبير ؛ حتى اجتمع فى قلب قد وطّن لموتك ، وعنق قد ذلّلت لطاعتك ، ونفس قد طبعت على مرضاتك ؛ وليس أكثر سؤلها ، وأعظم إربها ، إلا طول مدتك ، وبقاء نعمتك ، قوله : «فغير بديع من فضلك ولا غريب عندى من برك» تذييل لقوله : «بل قليل اتصل بكثير ، وصغير لحق بكبير» فأكد ما تقدم.
من المنظوم |
ومن المنظوم قول الحطيئة (١) :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم |
|
ومن يقيس (٢) بأنف الناقة الذنبا |
فاستوفى المعنى فى النّصف الأول ، وذيّل بالنصف الثانى.
وقول الآخر :
فدعوا نزال فكنت أول نازل |
|
وعلام أركبه إذا لم أنزل |
وقول طرفة (٣) :
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى |
|
لكالطّول المرخى وثنياه باليد (٤) |
فالنصف الآخر تشبيه وتذييل.
وقول أبى نواس :
عرم الزمان على الذين عهدتهم |
|
بك قاطنين وللزمن عرام (٥) |
قوله : «وللزمان عرام» تذييل.
__________________
(١) ديوانه : ٧.
(٢) فى الديوان : «ومن يسوى».
(٣) المعلقات : ٨٦.
(٤) الطول : الحبل. وثنياه : ما ثنى منه.
(٥) العرام : الشدة والأذى.