ولا صبر على الجفاء ممّن عود الله منه البرّ ، وقد استدللت بإزالة الوزير إياى عن المحل الذى كان يحلنيه بتطوّله على ما سؤت له ظنا بنفسى ، وما أخاف عتبا لأنى لم أجن ذنبا ، فإن رأى الوزير أن يقوّمنى لنفسى ، ويدلّنى على ما يراد منى فعل. تم كلامه عند قوله له «يقومنى» ثم جاء بالمقطع وهو قوله : «لنفسى» فزاد معنى.
وممن زاد توكيدا امرؤ القيس حيث يقول (١) :
كأنّ عيون الوحش حول خبائنا |
|
وأرحلنا الجزع الذى لم يثقّب |
قوله : «لم يثقب» يزيد التشبيه توكيدا ؛ لأن عيون الوحش غير مثقبة.
وزهير حيث يقول (٢) :
كأنّ فتات العهن (٣) فى كلّ منزل |
|
نزلن به حبّ الفنا لم يحطّم |
القنا إذا كسر ابيض. والفنا : شجر الثعلب (٤). ومن الزيادة قول امرئ القيس (٥) :
إذا ما جرى شأوين وابتلّ عطفه |
|
تقول هزيز الريح مرّت بأثأب (٦) |
فالتشبيه قد تم عند قوله «هزيز الريح» وزاد بقوله «مرت بأثأب» : لأنه أخبر به عن شدة حفيف الفرس ، وللريح فى أغصان الأثاب حفيف شديد. والأثأب : شجر.
وقول أبى نواس :
ذاك الوزير الذى طالت علاوته |
|
كأنه ناظر فى السّيف بالطّول |
فقوله «بالطول» أنفى للشبهة.
وقول راشد الكاتب :
كأنه ويد الحسناء تغمزه |
|
سير الإداوة لما مسّه البلل |
فقوله : «لما مسه البلل» تأكيد ، ويدخل أكثر هذا الباب فى التتميم ؛ وإنما يسمى إيغالا إذا وقع فى الفواصل والمقاطع.
__________________
(١) ديوانه : ٨٨.
(٢) ديوانه : ١٢.
(٣) العهن : الصوف.
(٤) هو شجر ثمره حب أحمر.
(٥) ديوانه : ٨٣.
(٦) الشأو : الطلق. وعطفه : ناحيته. وهزيز الريح صوتها.