ومن الضرب الأول قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
وهكذا قوله تعالى : (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) ؛ إذا وقف على «أوهن البيوت» ، يعرف أن بعده «بيت العنكبوت».
أمثلة من الشعر |
ومن أمثلة ذلك قول الراعى (١) :
وإن وزن الحصى فوزنت قومى |
|
وجدت حصى ضريبتهم رزينا |
إذا سمع الإنسان أول هذا البيت وقد تقدمت عنده قافية القصيدة استخرج لفظ قافيته ؛ لأنه عرف أن قوله «وزن الحصى» سيأتى بعده «رزين» لعلتين : إحداهما أن قافية القصيدة توحيه ؛ والأخرى أن نظام البيت يقتضيه ؛ لأن الذى يفاخر برجاحة الحصى ينبغى أن يصفه بالرزانة.
وقول نصيب :
وقد أيقنت أن ستبين ليلى |
|
وتحجب عنك لو نفع اليقين |
وأنشد أبو أحمد قول مضرس بن ربعى :
تمنيت أن ألقى سليما ومالكا |
|
على ساعة تنسى الحليم الأمانيا |
ومن عجيب هذا الباب قول البحترى (٢) :
فليس الّذى حلّلته بمحلّل |
|
وليس الذى حرّمته بحرام |
وذلك أن من سمع النصف الأول عرف الأخير بكماله ؛ ونحوه قول الآخر :
فأما الذى يحصيهم فمكثّر |
|
وأما الذى يطريهم فمقلّل |
وقول الآخر :
هى الدرّ منثورا إذا ما تكلمت |
|
وكالدرّ منظوما إذا لم تكلّم |
وقول الآخر :
ضعائف يقتلن الرجال بلا دم |
|
ويا عجبا للقاتلات الضعائف |
__________________
(١) نهاية الأرب : ٧ ـ ١٣٨.
(٢) ديوانه : ٢ ـ ٢٢٣.