الفصل الثّامن عشر
فى رد الأعجاز على الصدور
فأول ما ينبغى أن تعلمه أنك إذا قدمت ألفاظا تقتضى جوابا فالمرضىّ أن تأتى بتلك الألفاظ بالجواب ، ولا تنتقل عنها إلى غيرها مما هو فى معناها ، كقول الله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها). وكتب بعض الكتاب فى خلاف ذلك : من اقترف ذنبا عامدا ، أو اكتسب جرما قاصدا لزمه ما جناه ، وحاق به ما توخّاه. والأحسن أن يقول : لزمه ما اقترف ، وحاق به ما اكتسب. وهذا يدلك على أن لردّ الأعجاز على الصدور موقعا جليلا من البلاغة ، وله فى المنظوم خاصة محلا خطيرا.
اقسامه |
وهو ينقسم أقساما ؛ منها ما يوافق آخر كلمة فى البيت آخر كلمة فى النصف الأول ؛ مثل قول الأول :
تلقى إذا ما الأمر كان عرمرما |
|
فى جيش رأى لا يفلّ عرمرم |
وقال عنترة (١) :
فأجبتها إنّ المنية منهل |
|
لا بدّ أن أسقى بذاك المنهل |
وقال جرير (٢) :
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا |
|
أبشر بطول سلامة يا مربع |
وقال المخبل :
وينفس فيما أورثتنى أوائلى |
|
ويرغب عما أورثته أوائله |
__________________
(١) ديوانه : ١٠٠.
(٢) ديوانه : ٣٤٨.