الفصل التّاسع عشر
فى التتميم والتكميل
التتميم والتكميل |
مثاله |
وهو أن توفى المعنى حظه من الجودة ، وتعطيه نصيبه من الصحة ؛ ثم لا تغادر معنى يكون فيه تمامه إلا تورده ، أو لفظا يكون فيه توكيده إلا تذكره ؛ كقول الله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) ، فبقوله تعالى : «وهو مؤمن» تمّ المعنى.
ونحو قوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) ، فبقوله تعالى : «استقاموا» تم المعنى أيضا ؛ وقد دخل تحته جميع الطاعات ، فهو من جوامع الكلم.
ونحو قوله تعالى : (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ).
ومن النثر قول أعرابية لرجل : كبت الله كلّ عدو لك إلا نفسك. فبقولها : «نفسك» تم الدعاء ؛ لأن نفس الإنسان تجرى مجرى العدو له ، يعنى إنها تورطه وتدعوه إلى ما يوبقه.
ومثله قوله الآخر : احرس أخاك إلا من نفسه. وقريب منه قول الآخر : من لك بأخيك كله.
ومن المنظوم قول عمرو بن براق :
فلا تأمننّ الدهر حرّا ظلمته |
|
فما ليل مظلوم كريم بنائم |
فقوله : «كريم» تتميم ؛ لأن اللئيم يغضى على العار ، وينام على الثار ، ولا يكون منه دون المظالم تكبر. وقول عمرو بن الأيهم :
بها نلنا الغرائب من سوانا |
|
وأحرزنا الغرائب أن تنالا |
فالذى أكمل جودة المعنى قوله : «وأحرزنا الغرائب أن تنالا».
وقول الآخر (١) :
رجال إذا لم يقبل الحق منهم |
|
ويعطوه عادوا بالسيوف القواضب |
__________________
(١) العمدة : ٢ ـ ٤٨.