الفصل العشرون
فى الالتفات
ضرباه |
الالتفات على ضربين ؛ فواحد أن يفرغ المتكلم من المعنى ، فإذا ظننت أنه يريد أن يجاوزه يلتفت إليه فيذكره بغير ما تقدم ذكره به. أخبرنا أبو أحمد ، قال : أخبرنى محمد بن يحيى الصولى ، قال قال الأصمعى : أتعرف التفاتات جرير؟ قلت : لا ، فما هى؟ قال (١) :
أتنسى إذ تودّعنا سليمى |
|
بعود بشامة سقى البشام (٢) |
ألا تراه مقبلا على شعره. ثم التفت إلى البشام فدعا له. وقوله (٣) :
طرب الحمام بذى الأرك فشاقنى |
|
لا زلت فى علل وأيك ناضر |
فالتفت إلى الحمام فدعا له.
ومنه قول الآخر :
لقد قتلت بنى بكر بربّهم |
|
حتى بكيت وما يبكى لهم أحد |
فقوله : «وما يبكى لهم أحد» التفات ؛ وقول حسان (٤) :
إنّ التى ناولتنى فرددتها |
|
قتلت قتلت فهاتها لم تقتل |
فقوله : «قتلت» التفات.
والضرب الآخر أن يكون الشاعر آخذا فى معنى وكأنه يعترضه شكّ أو ظن أن رادا يردّ قوله ، أو سائلا يسأله عن سببه ، فيعود راجعا إلى ما قدمه ؛ فإما أن يؤكده ، أو يذكر سببه ، أو يزيل الشك عنه ؛ ومثاله قول المعطّل الهذلى : (٥)
تبين صلاة الحرب منّا ومنهم |
|
إذا ما التقينا والمسالم بادن (٦) |
__________________
(١) ديوانه : ٥١٢.
(٢) البشام : شجر ذو ساق وأفنان وورق ولا ثمر له.
(٣) ديوانه : ٣٠٤.
(٤) ديوانه : ٨٠.
(٥) ديوان الهذليين : ٣ ـ ٤٧.
(٦) تبين : تستبين. صلاة الحرب : الذين يصلونها.