رمتنى ميّ بالهوى رمى ممضع |
|
من الوحش لوط لم تعقه الأوانس (١) |
بعينين نجلاوين لم يجر فيهما |
|
ضمان وجيد حلى الدّرّ شامس (٢) |
وهذا ـ كما ترى ـ كلام فجّ غليظ ، ووخم ثقيل ، لا حظّ له من الاختيار.
وحكى العتبى عن الأصمعى أنه كان يستحسن قول الشاعر :
ولو أرسلت من حب |
|
ك مهبوتا من الصين (٣) |
لوافيتك قبل الصب |
|
ح أو حين تصلين |
وهما على ما تراهما من دناءة اللفظ وخساسته ، وخلوقة المعرض وقباحته.
وذكر العتبى أيضا أن قول جرير (٤) :
إنّ العيون الّتى فى طرفها مرض |
|
قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا |
يصرعن ذا اللّب حتى لا حراك (٥) به |
|
وهنّ أضعف خلق الله أركانا |
وقوله (٦) :
إنّ الذين غدوا بلبّك غادروا |
|
وشلا بعينك لا يزال معينا (٧) |
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لى |
|
ما ذا لقيت من الهوى ولقينا (٨) |
من الشعر الذى يستحسن لجودة لفظه ، وليس له كبير معنى. وأنا لا أعلم معنى أجود ولا أحسن من معنى هذا الشعر.
فلما رأيت تخليط هؤلاء الأعلام فيما راموه من اختيار الكلام ، ووقفت على موقع هذا العلم من الفضل ، ومكانه من الشرف والنّبل ، ووجدت الحاجة إليه ماسة ، والكتب المصنّفة فيه قليلة ، وكان أكبرها وأشهرها كتاب «البيان والتبيين»
__________________
(١) الممضع : المطعم للصيد. اللوط : اللازق. فى ط الأوالس ورواية للسان : «الأوانس» مادة (مضع).
(٢) الضمان : العاهة. والشمس : معلاق القلادة فى العنق والجمع شموس. وجيد شامس : ذو شموس على النسب. وفى رواية للسان : «وجيد حلى الشذر»
(٣) المهبوت : السائر على غير هداية. وجاء فى بعض النسخ ـ مبهوتا ـ بتقديم الباء أى مدهوشا.
(٤) ديوانه : ٥٩٥.
(٥) فى الديوان : «حتى لا صراع به».
(٦) ديوانه : ٥٧٨.
(٧) غادروا : تركوا. والوشل : القليل من الدمع. والمعين : الجارى.
(٨) غيض دمعه : نقصه.