الفصل الثامن والعشرون
فى المذهب الكلامى
جعله عبد الله بن المعتزّ الباب الخامس من البديع (١) ، وقال : ما أعلم أنّى وجدت شيئا منه فى القرآن. وهو ينسب إلى التكلّف ، فنسبه إلى التكلّف وجعله من البديع.
مثال من النثر |
ومن أمثلة هذا الباب قول أعرابى لرجل : إنى لم أضر وجهى عن الطلب إليك قصر نفسك عن ردى (٢) ، فضعنى من كرمك ، بحيث وضعت نفسى من رجائك.
وقول أبى الدرداء : أخوف ما أخاف أن يقال لى : عملت فما عملت؟ وقول طاهر ابن الحسين للمأمون : يا أمير المؤمنين ؛ يحفظ على من قلبك ، ما لا أستعين على حفظه إلّا بك. وقال بعض الأوائل : لو لا أنّ قولى لا أعلم [تثبيت](٣) لأنى أعلم لقلت : لا أعلم. وقال آخر : لو لا العمل لم يطلب العلم ، ولو لا العلم لم يكن عمل ؛ ولأن أدع الحق جهلا به أحب إلىّ أن أدعه زهدا فيه.
وأنشد عبد الله قول الفرزدق (٤) :
لكل امرئ نفسان : نفس كريمة |
|
وأخرى يعاصيها الهوى فيطيعها |
ونفسك من نفسيك تشفع للندى |
|
إذا قلّ من أحرارهن شفيعها |
وأنشد لإبراهيم بن المهدى يعتذر للمأمون (٥) :
البرّ بى منك وطّأ العذر عندك لى |
|
فما فعلت فلم تعذل ولم تلم |
وقام علمك بى فاحتج عندك لى |
|
مقام شاهد عدل غير متّهم |
وأنشد (٦) :
إنّ هذا يرى ـ ولا رأى لل |
|
أحمق ـ إنى أعده إنسانا |
ذاك بالظنّ عنده وهو عندى |
|
كالذى لم يكن وإن كان كانا |
ومثله :
أما يحسن من يحسن |
|
أن يغضب أن يرضى |
أما يرضى بأن صرت |
|
على الأرض له أرضا |
__________________
(١) كتاب البديع : ١٠١
(٢) هكذا بالأصول
(٣) زيادة من ا
(٤) العمدة : ٢ ـ ٧٥ ، البديع لابن المعتز : ١٠١.
(٥) البديع : ١٠٢ ، العمدة : ٢ ـ ٧٦.
(٦) هو أبو نواس ، البديع : ١٠٢.