الفصل الحادى والثلاثون
فى الاستشهاد والاحتجاج
معناه |
وهذا الجنس كثير فى كلام القدماء والمحدثين ، وهو أحسن ما يتعاطى من أجناس صنعة الشعر ، ومجراه مجرى التذييل لتوليد المعنى ، وهو أن تأتى بمعنى ثم تؤكده بمعنى آخر يجرى مجرى الاستشهاد على الأول ، والحجة على صحته.
مثل من النثر |
فمثاله من النثر ما كتب به كافى الكفاة فى فصل له : فلا تقس آخر أمرك بأوّله ، ولا تجمع من صدره وعجزه ، ولا تحمل خوافى صنعك على قوادمه ، فالإناء يملؤه القطر فيفعم ، والصغير يقترن بالصغير فيعظم ، والداء يلمّ ثم يصطلم ، والجرح يتباين ثم ينفتق ، والسيف يمس ثم يقطع ، والسهم يرد ثم ينفذ.
من الشعر |
ومن الاستشهاد قول الآخر :
إنما يعشق المنايا من الأق |
|
وام من كان عاشقا للمعالى |
وكذاك الرّماح أول ما يك |
|
سر منهنّ فى الحروب العوالى |
وقال أبو تمام (١) :
هم مزّقوا عنه سبائب حلمه |
|
وإذا أبو الأشبال أحرج عاثا |
وقال أيضا (٢) :
عتقت وسيلته وأية قيمة |
|
للمشرفى العضب (٣) ما لم يعتق |
وقال أيضا (٤) :
يأخذ الزائرين قسرا ولو كفّ |
|
دعاهم ربع خصيب |
غير إن الرامى المسدد يحتا |
|
ط مع العلم أنه سيصيب |
__________________
(١) ديوانه : ٦٤.
(٢) ديوانه : ٢١٤.
(٣) العضب : القاطع.
(٤) ديوانه : ٥٨.