الفصل الثانى والثلاثون
فى التعطف
التعطف |
والتعطف أن تذكر اللّفظ ثم تكرره ، والمعنى مختلف ، قالوا : وأول من ابتدأه امرؤ القيس ، فى قوله :
إلا إنّنى بال على جمل بال |
|
يسوق بنا بال ويتبعنا بال |
أول من ابتداه |
وليس هذا من التعطف على الأصل الذى أصّلوه ؛ وذلك أن الألفاظ المكررة فى هذا البيت على معنى واحد يجمعها البلى فلا اختلاف بينها ، وإنما صار كل واحد منها صفة لشيء ، فاختلفت لهذه الجهة لا من جهة اختلافها فى معانيها ؛ وكذلك قول الآخر (١) :
عود على عود على عود خلق (٢)
وإنما التعطف على أصلهم ، كقول الشماخ (٣) :
كادت تساقطنى والرّحل إذ نطقت |
|
حمامة فدعت ساقا على ساق |
أى دعت حمامة ، وهو ـ ذكر القمارى ويسمى الساق عندهم ـ على ساق شجرة ؛ وقول الأفوه (٤) :
وأقطع الهوجل مستأنسا |
|
بهوجل عيرانة عنتريس (٥) |
فالهوجل الأول : الأرض البعيدة الأطراف ، والهوجل الثانى : الناقة العظيمة الخلق.
مما يدخل فى التعطف |
ومما يدخل فى التعطف ما أنشدنا أبو أحمد ، قال : أنشدنا أبو عبد الله المفجع ، قال : أنشدنا أبو العباس ثعلب (٦) :
__________________
(١) اللسان (عود).
(٢) العود الأول رجل مسن ، والثانى جمل مسن ، والثالث طريق.
(٣) ديوانه : ٧٠.
(٤) ديوانه : ١٦.
(٥) العيرانة : الناجية من الإبل. والعنتريس : الناقة الصلبة.
(٦) القصيدة فى اللسان (خول) ، مع اختلاف فى الرواية وعدد الأبيات.