الفصل الثالث والثلاثون
فى المضاعفة
المضاعفة مثالها من القرآن |
وهو أن يتضمّن الكلام معنيين : معنى مصرّح به ، ومعنى كالمشار إليه ؛ وذلك مثل قول الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) فالمعنى المصرّح به فى هذا الكلام أنه لا يقدر أن يهدى من عمى عن الآيات ، وصمّ عن الكلم البينات ؛ بمعنى أنه صرف قلبه عنها فلم ينتفع بسماعها ورؤيتها ؛ والمعنى المشار إليه أنه فضّل السمع على البصر ، لأنه جعل مع الصمم فقدان العقل ، ومع العمى فقدان النظر فقط.
مثالها من النثر |
ومن نثر الكتاب ما كتب به الحسن بن وهب : كتابى إليك ، وشطر قلبى عندك ، والشطر الآخر غير خلو من تذكّرك ، والثناء على عهدك ، فأعطاك الله بركة وجهك ، وزاد فى علوّ قدرك ، والنعمة عندك وعندنا فيك.
فقوله : «بركة وجهك» فيه معنيان : أحدهما أنه دعا له بالبركة ؛ والآخر أنه جعل وجهه ذا بركة عظيمة ، ولعظمها عدل إليها فى الدعاء عن غيرها من بركات المطر وغيره ؛ ومثله قول أبى العيناء : سألتك حاجة فرددت بأقبح من وجهك ؛ فتضمن هذا اللّفظ قبح وجهه وقبح رده.
مثالها من المنظوم |
ومن المنظوم قول الأخطل :
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم |
|
قالوا لأمهم بولى على النّار |
فأخبر عن إطفاء النار ، فدل به على بخلهم ، وأشار إلى مهانتهم ، ومهانة أمهم عندهم.
وقول أبى تمام (١) :
يخرج من جسمك السّقام كما |
|
أخرج ذمّ الفعال من عنقك |
__________________
(١) ديوانه : ٢١١.