وقال بعضهم : أحكم ابتداءاتهم قول لبيد (١) :
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل |
وبعضهم يجعل ابتداء هذه القصيدة (٢) :
ألا تسألان المرء ما ذا يحاول |
|
أنحب فيقضى أم ضلال وباطل |
ومن جياد ابتداءات أهل الجاهلية قول أوس بن حجر :
ولقد أبيت بليلة كليالى
ومنها قول النابغة (٣) :
دعاك الهوى واستجهلتك المنازل |
|
وكيف تصابى المرء والشيب شامل |
ونحوه قول أمية (٤) :
يا نفس مالك بعد الله من واق |
|
وما على حدثان الدهر من راق |
من غير الجاهلية |
وقالوا : وكان عبد الحميد الكاتب لا يبتدئ «بلولا» ولا «إن رأيت».
وقد جعل الناس قول أبى تمام (٥) :
يا بعد غاية دمع العين إن بعدوا |
|
هى الصبابة طول الدهر والسهد |
من جياد الابتداءات ، وقوله (٦) :
سعدت غربة النّوى بسعاد |
|
فهى طوع الاتهام والإنجاد |
وسئل بعضهم عن أحذق الشعراء ، فقال : من يتفقد الابتداء والمقطع.
ولما نظر أبو العميثل فى قصيدة أبى تمام (٧) :
أهنّ عوادى يوسف وصواحبه |
|
فعزما فقدما أدرك الثأر طالبه |
استرذل ابتداءها وأسقط القصيدة كلها ، حتى صار إليه أبو تمام ، ووقفه على موضع الإحسان منها ، فراجع عبد الله بن طاهر ، فأجازه.
__________________
(١) ديوانه : ٨٠
(٢) الخزانة : ١ ـ ٣٤٠.
(٣) الخزانة : ١ ـ ٣٤٠.
(٤) ديوانه : ٤٣.
(٥) ديوانه : ٩٦.
(٦) ديوانه : ٧٥.
(٧) ديوانه : ٤٣.