ليس لذكر الغلس مع العمى معنى ؛ لأن الأعمى يستوى عنده الغلس والهاجرة ، ولو قال العمش لكان أقرب من العمى ، على أن الجميع لا خير فيه.
ومن هذا النوع قول القرشى :
ووقيت الحتوف من وارث وا |
|
ل وأبقاك صالحا ربّ هود |
ليس نسبة الله تعالى إلى أنه رب هود بأولى من نسبته إياه عزّ اسمه إلى أنه رب نوح أو غيره.
وقول ابن الرومى :
ألا ربما سؤت الغيور وساءنى |
|
وبات كلانا من أخيه على وحر |
وقبّلت أفواها عذابا كأنها |
|
ينابيع خمر حصّبت لؤلؤ البحر |
فقوله : «لؤلؤ البحر» أفسد البيت وأطفا نور المعنى ؛ لأن اللؤلؤ لا يكون فى غير البحر ، فنسبته إلى البحر لا فائدة فيه إلا إقامة الروى على ما قدمناه.
ورأيت المعنى جيدا فقلت :
مرّ بنا يستميله السّكر |
|
وكيف يصحو وريقه خمر |
قبلت فيه على مراقبة |
|
ينبوع خمر حصباؤه درّ |
من القوافى الرديئة |
ومن القوافى الرديئة قول رؤبة (١) :
يكسين من لين الشباب نيما
النيم : الفرو ، وأىّ حسن للفرو فيشبه به شباب النساء! وما قال أحد : عليه من الشباب أو من الحسن فرو ؛ وإنما يقال : رداء الشباب ، وبرد الشباب ، وثوب الشباب ؛ ولم يقولوا : قميص الشباب ، وهو أقرب من الفرو. ولو قاله قائل لم يحسن لأنه لم يستعمل ، وإنما احتاج إلى الميم فوقع فى هذه الرذيلة.
وهذا باب لو أطلقت العنان فيه لطال فيشغل الأوراق الكثيرة ، ويصرم فيه الزمان الطويل ، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) اللسان (نوم) وقبله :
وقد أرى ذاك فلن يدر ما