اللّفظ. وكان قبل قد أعفى المستمع من كدّ التلطّف ، وأراح قارئ الكتاب من علاج التفهّم.
وقال العربى : البلاغة التقرّب من المعنى البعيد ؛ والتباعد من حشو الكلام ؛ وقرب المأخذ ؛ وإيجاز فى صواب ؛ وقصد إلى الحجّة ؛ وحسن الاستعارة.
ومثله قول الآخر : البلاغة تقريب ما بعد من الحكمة بأيسر الخطاب.
والتقرّب من المعنى البعيد ، وهو أن يعمد إلى المعنى اللّطيف فيكشفه ، وينفى الشواغل عنه ؛ فيفهمه السامع من غير فكر فيه ، وتدبّر له. مثل قول الأول فى امرأة :
لم ندر ما الدّنيا وما طيبها |
|
وحسنها حتى رأيناها |
إنك لو أبصرتها ساعة |
|
أجللتها أن تتمنّاها |
وقال بعضهم لملك من الملوك : أمّا التعجّب من مناقبك فقد نسخه تواترها ؛ فصارت كالشيء القديم الذى قد كسى به ؛ أى ألف لا كالشيء البديع الذى يتعجّب منه. ومن هذا أخذ أبو تمام قوله (١) :
على أنها الأيام قد صرن كلها |
|
عجائب حتى ليس فيها عجائب |
وقول آخر لبعض الملوك أيضا : أخلاقك تجعل العدوّ صديقا ، وأحكامك تصير الصديق عدوا ، ويشهد عدم مثلك فيما يكون.
وقال بعض القدماء : لكل جليلة دقيقة ودقيقة الموت الهجر.
وقلت :
اسم التفرّق بيّن |
|
لكنّ معناه موت |
وجداننا كلّ شيء |
|
إذا تباعدت فوت |
والرواية الصحيحة أن العربى قال : البلاغة التقرب من المعنى البعيد ؛ ولكن
__________________
(١) ديوانه : ٣٥٢.