ولهذا قيل : أجود الكلام السهل الممتنع.
أخبرنا أبو أحمد قال : أخبرنا الصولى ، قال : حدّثنا أحمد بن إسماعيل ، قال : وصف الفضل بن سهل عمرو بن مسعدة فقال : هو أبلغ الناس ؛ ومن بلاغته أنّ كلّ أحد يظنّ أنه يكتب مثل كتبه ، فإذا رامها تعذّرت عليه.
وأخبرنا أيضا قال : أخبرنا أبو بكر قال : حدّثنى عبد الله بن الحسين قال : حدّثنا الحسن بن مخلد ، قال : أنشدنا إبراهيم بن العباس لخاله العباس ابن الأحنف (١) :
إليك أشكو ربّ ما حلّ بى |
|
من صدّ هذا التائه المعجب (٢) |
إن قال لم يفعل وإن سيل لم |
|
يبذل وإن عوتب لم يعتب (٣) |
صب بعصيانى ولو قال لى |
|
لا تشرب البارد لم أشرب |
ثم قال : هذا والله الشعر الحسن المعنى ، السهل اللّفظ ، العذب المستمع ، القليل النظير ، العزيز الشّبيه ، المطمع الممتنع ، البعيد مع قربه ، الصّعب فى سهولته قال : فجعلنا نقول : هذا الكلام والله أبلغ من شعره.
وأخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن الغلابى عن طائع وهو العباس بن ميمون ، من غلمان ابن ميثم ، قال : قيل للسيد : ألا تستعمل الغريب فى شعرك. فقال : ذاك عىّ فى زمانى ، وتكلّف منّى لو قلته ، وقد رزقت طبعا واتّساعا فى الكلام ، فإنا أقول ما يعرفه الصغير والكبير ، ولا يحتاج إلى تفسير. ثم أنشدنى :
أيا ربّ إنى لم أرد بالذى به |
|
مدحت عليّا غير وجهك فارحم |
فهذا كلام عاقل يضع الشىء موضعه ، ويستعمله فى إبانه ، ليس كمن قال وهو فى زماننا (٤) :
__________________
(١) ديوانه : ١٤
(٢) فى الديوان : من ظلم هذا الظالم المذنب.
(٣) فى الديوان :
إن سيل لم يبذل وإن قال لم |
|
يفعل وإن عوتب لم يعتب |
(٤) هو المتنبى ، والشطر الثانى
شيم على الحسب الأغر دلائل
ديوانه : ٤ ـ ٢٥٨.