منعت بنجد ما أردت غلبة |
|
وبالغور لى عزّ أشمّ طويل (١) |
فهذا وإن لم يكن من كلام العامّة فإنهم يعرفون الغرض فيه ، ويقفون على أكثر معانيه ؛ لحسن ترتيبه ، وجودة نسجه. وقول المرار أيضا :
لا تسألى القوم عن مالى وكثرته |
|
قد يقتر المرء يوما وهو محمود |
أمضى على سنّة من والدى سلفت |
|
وفى أرومته (٢) ما ينبت العود |
ومن النثر قول يحيى بن خالد : أعطانا الدهر فأسرف ، ثم عطف علينا فعسف.
وقول سعيد بن حميد : وأنا من لا يحاجّك عن نفسه ، ولا يغالطك عن جرمه ، ولا يلتمس رضاك إلّا من جهته ، ولا يستدعى برّك إلّا من طريقته ، ولا يستعطفك إلا بالإقرار بالذّنب ، ولا يستميلك إلا بالاعتراف بالجرم ؛ نبت بى عنك غرّة (٣) الحداثة ، وردّتنى إليك الحنكة ، وباعدتنى منك الثقة بالأيام ، وقادتنى إليك الضرورة. فإن رأيت أن تستقبل الصنيعة بقبول العذر ، وتجدّد النّعمة باطّراح الحقد ـ فإنّ قديم الحرمة ، وحديث التوبة يمحقان ما بينهما من الإساءة. فإن أيام القدرة وإن طالت قصيرة ، والمتعة بها وإن كثرت قليلة ـ فعلت.
وفى هذا الكلام وما قبله قوة فى سهولة.
ومما هو أجزل من هذا قول الشعبى للحجاج ـ وقد أراد قتله لخروجه عليه مع ابن الأشعث : أجدب بنا الجناب (٤) ، وأحزن بنا المنزل ، واستحلسنا (٥) الحذر ،
__________________
(١) الغلبة : بالضم والتشديد بمعنى الغلبة بالفتح والتخفيف ، كما فى اللسان ـ مادة غلب ـ واستشهد له بهذا البيت والرواية عنده هكذا :
أخذت بنجد ما أخذت غلبة |
|
وبالغور لى عز أشم طويل |
(٢) الأرومة ، بفتح الهمزة وتضم : الأصل.
(٣) الغار : الغافل ، واغتر : غفل ، والاسم الغرة.
(٤) الجناب ، بالفتح : الفناء والناحية.
(٥) استحلسنا الحذر : يريد تمسكنا به.