واكتحلنا السّهر ، وأصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء. فعفا عنه.
وأجود الكلام ما يكون جزلا سهلا ، لا ينغلق معناه ، ولا يستبهم مغزاه ، ولا يكون مكدودا مستكرها ، ومتوعّرا متقعّرا ، ويكون بريئا من الغثاثة ، عاريا من الرّثاثة.
والكلام إذا كان لفظه غثّا ، ومعرضه رثّا كان مردودا ، ولو احتوى على أجلّ معنى وأنبله ، وأرفعه وأفضله. كقوله :
لما أطعناكم فى سخط خالقنا |
|
لا شك سلّ علينا سيف نقمته |
وقول الآخر :
أرى رجالا بأدنى الدّين قد قنعوا |
|
وما أراهم رضوا فى العيش بالدّون |
فاستغن بالدّين عن دنيا الملوك كما اس |
|
تغنى الملوك بدنياهم عن الدّين |
لا يدخل هذا فى جملة المختار ، ومعناه ـ كما ترى ـ نبيل فاضل جليل.
وأما الجزل الردىء الفجّ الذى ينبغى ترك استعماله فمثل قول تأبّط شرّا (١) :
إذا ما تركت صاحبى لثلاثة |
|
أو اثنين مثلينا فلا أبت آمنا (٢) |
ولما سمعت العوض (٣) تدعو تنفّرت |
|
عصافير (٤) رأسى من نوى فعوائنا (٥) |
وحثحثت مشعوف الفؤاد فراعنى |
|
أناس بفيفان فمزت القرائنا (٦) |
فأدبرت لا ينجو نجائى نقنق |
|
يبادر فرخيه شمالا وداجنا |
__________________
(١) الأغانى ١٨ : ٢١٣ ، واللسان ـ مادة عوض ، وقرن ، وهزرف ، وعون.
(٢) أبت : رجعت.
(٣) العوض : اسم قبيلة من العرب.
(٤) عصفور الرأس : قطيعة ـ بالتصغير ـ من الدماغ تحت مقدمة تفصل بينهما جليدة.
(٥) وقوله فعوائنا : عوائن : موضع ، واستشهد بهذا البيت فى اللسان : مادة عون.
(٦) الفيفان : موضع بالبادية.
مزت القرائنا : القرائن جبال معروفة مقترنة ، قاله فى اللسان (مادة قرن). والبيت فيه :
وحثحثت مشغوف النجاء وراعنى |
|
أناس بفيفان فمزت القرائنا |