من الحصّ هزروف يطير عفاؤه |
|
إذا استدرج الفيفاء مدّ المغابنا (١) |
أزجّ زلوج هزرفىّ زفازف |
|
هزفّ يبذّ النّاجيات الصّوافنا (٢) |
فهذا من الجزل البغيض الجلف ، الفاسد النّسج ، القبيح الرّصف ، الذى ينبغى أن يتجنّب مثله.
وتمييز الألفاظ شديد. أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن فضل اليزيدى ، عن إسحاق الموصلى عن أيوب بن عباية (٣) : أن رجلا أنشد ابن هرمة قوله :
بالله ربك إن دخلت فقل لها |
|
هذا ابن هرمة قائما بالباب |
فقال : ما كذا قلت ؛ أكنت أتصدّق؟ (٤) قال : فقاعدا. قال : كنت أبول؟
قال : فما ذا؟ قال : واقفا. ليتك علمت ما بين هذين من قدر اللفظ والمعنى.
ولو لا كراهة الإطالة وتخوّف الإملال لزدت من هذا النوع ، ولكن يكفى من البحر جرعة. وقالوا : خير الكلام ما قلّ وجلّ ، ودلّ ولم يملّ. وبالله التوفيق.
__________________
(١) الحص : شدة العدو فى سرعة. والهزروف : السريع. والعفاء : الغبار. والفيفاء : المفازة التى لا ماء فيها مع الاستواء والسعة. والمغابن : الأرفاغ والآباط ، وكل ما ثنيت عليه فخذك فهو مغبن.
(٢) أزج : مسرع فى مشيته ، ومثله : زلوج. والهزراف : الخفيف السريع. والزفزفة : السرعة أيضا. والهزف : الجافى من الظلمان. وقيل : الطويل الريش. والبذ : السبق.
(٣) فى ب «عيانة»
(٤) عن ابن الأنبارى أنه جاء تصدق بمعنى سأل ـ اللسان ـ مادة صدق.