ألم تسأل الرّبع القديم بعسعسا (١) |
|
كأنى أنادى إذ أكلّم أخرسا (٢) |
هذا من التشبيه فاسد لأجل أنه لا يقال : كلّمت حجرا فلم يجب فكأنه كان حجرا ، والذى جاء به امرؤ القيس مقلوب.
وتبعه أبو نواس فقال يصف دارا :
كأنها إذ خرست جارم |
|
بين ذوى تفنيده مطرق (٣) |
والجيد منه قول كثير فى امرأة (٤) :
فقلت لها : يا عزّ كلّ مصيبة |
|
إذا وطّنت يوما لها النّفس ذلّت |
كأنّى أنادى صخرة حين أعرضت |
|
من الصّمّ لو تمشى بها العصم زلّت |
فشبّه المرأة عند السكوت والتّغافل بالصّخرة.
قالوا : ومن ذلك قول المسيب بن علس (٥) :
وكأن غاربها رباوة مخرم |
|
وتمدّ ثنى جديلها بشراع (٦) |
أراد أن يشبّه عنقها بالدّقل (٧) |
|
فشبّهها بالشّراع. وتبعه أبو النجم |
فقال (٨) :
كأنّ أهدام النّسيل المنسل |
|
على يديها والشّراع الأطول (٩) |
__________________
(١) عسعس : موضع بالبادية وجبل.
(٢) هكذا رواية البيت فى نسخ الكتاب ، وفى ديوانه هكذا :
ألما على الربع القديم بعسعسا |
|
كأنى أنادى أو أكلم أخرسا |
قال شارحه أبو بكر البطليوسى : وعسعس ، موضع. ثم قال : وفى كتاب الأزمنة أنه أراد انزلا فى أدبار الليل ؛ لأن الأصل فى عسعس الليل أى مضى.
(٣) الجارم : مقترف الذنب. والبيت لم يروه جامع ديوانه.
(٤) الأغانى : ٩ : ٢٧ ، الأمالى : ٢ : ١٠٨ ، الموشح : ١٤٦.
(٥) الوساطة ١٢ ، والمفضليات : ١ ـ ٦٠.
(٦) الغارب : ما بين السنام والعنق.
والرباوة : منقطع الجبل حيث استدق. والمخرم من الجبل : أنفه. والثنى : ما انثنى منه. والجديل : الزمام. أراد تمد جديلها بعنق طويلة.
(٧) الدقل : خشبة طويلة تشد فى وسط السفينة يمد عليها الشراع.
(٨) الطرائف الأدبية : ٦٦ ، من لامية أبى النجم.
(٩) أهدام النسيل : أخلاق بالية. والنسيل : ما يسقط من الصوف والوبر.