ظنّ أنّ اليرندج مما ينسج ، واليرندج : جلد أسود ، تعمل منه الخفاف ـ فارسى معرب ، وأصله رنده ، وفسره أبو بكر بن دريد تفسيرا آخر ، وقال : إنما هذه حكاية عن المرأة التى يصفها ظنّت لقلة تجربتها أنّ اليرندج شيء منسوج ، ولم تدارس عويص الكلام ، والفاظ البيت لا تدلّ على ما قال.
ومثله قول أوس بن حجر :
كأن ريقتها بعد الكرى اعتبقت |
|
من ماء ادكن فى الحانوت نضاح (١) |
ومن مشعشعة كالمسك يشربها |
|
أو من أنابيب رمان وتفاح |
ظن أنّ الرمّان والتفّاح فى أنابيب ، وقيل : إنّ الأنابيب الطرائق التى فى الرمان ، وإذا حمل على هذا الوجه صحّ المعنى.
ومن فساد المعنى قول المرقش الأصغر (٢) :
صحا قلبه عنها على أنّ ذكرة |
|
إذا خطرت دارت به الأرض قائما |
وكيف صحا عنها من إذا ذكرت له دارت به الأرض ، وليس هذا مثل قولهم : ذهب شهر رمضان إذا ذهب أكثره ؛ لأنّ الناس لا يعرفون أشدّ الحب إلّا أن يكون صاحبه فى الحد الذى ذكره المرقش.
والجيد فى السلو قول أوس :
صحا قلبه عن سكره وتأملا |
|
وكان بذكرى أمّ عمرو موكلا |
فقال : وكان بذكرى أمّ عمرو موكلا.
ومثل قول المرقش فى الخطأ قول امرئ القيس (٣) :
أغرّك منّى أنّ حبّك قاتلى |
|
وأنّك مهما تأمرى القلب يفعل |
وإذا لم يغررها هذه الحال منه فما الذى يغرّها! وليس للمحتجّ (٤) عنه أن يقول :
__________________
(١) الدكنة : لون بين الحمرة والسواد.
(٢) المفضليات : ٢ ـ ٤٥.
(٣) ديوانه : ٢٤.
(٤) قوله : وليس للمحتج عنه : أراد به البطليوسى أحد شراح ديوانه.