فلما سمع عطية هذا الشعر قال : ما أسرع ما رجع أخى فى عطيّته.
ومثل ذلك سواء قول يزيد بن مالك العامرى حيث يقول (١) :
أكفّ الجهل عن حلماء قومى |
|
وأعرض عن كلام الجاهلينا |
فأخبر أنه يحلم عن الجهّال ولا يعاقبهم ، ثم نقض ذلك فى البيت الثانى ، فقال :
إذا رجل تعرّض مستخفّا |
|
لنا بالجهل أو شك أن يحينا |
فذكر أنه كاد أن يفتك بمن جهل عليه (٢).
وقريب منه قول عبد الرحمن بن عبد الله القس (٣) :
أرى هجرها والقتل مثلين فاقصروا |
|
ملامكم فالقتل أعفى وأيسر |
فأوجب أنّ الهجر والقتل سواء ، ثم ذكر أنّ القتل أعفى وأيسر (٤) ، ولو أتى ببل استوى (٥).
ومن عجائب الغلط قول ذى الرمة (٦) :
إذا انجابت الظّلماء أضحت رءوسها |
|
عليهنّ من جهد الكرى وهى ظلّع (٧) |
وقال ابن أبى فروة : قلت لذى الرّمة : ما علمت أحدا من الناس أظلع الرءوس غيرك! فقال : أجل.
ومن الغلط قول العجّاج (٨) :
كأنّ عينيه من الغئور |
|
قلتان أو حوجلتا قارور |
صيّرتا بالنّضح والتّصبير |
|
صلاصل الزّيت إلى الشّطور |
__________________
(١) نقد الشعر ١٢٤ ، الموشح ٢٢٦ وقد نسب فيهما هذان البيتان إلى يزيد بن مالك الغامدى.
(٢) تفسير لقول الشاعر : أوشك أن يحينا
(٣) الموشح : ٢٢٦
(٤) فى الموشح : فكأنه قال : إن القتل مثل الهجر وليس مثله
(٥) استوى : أى المعنى وسلم من الاستحالة والتناقض ؛ لأن مقام لفظة بل ، مقام ما ، ينفى الماضى ويثبت المستأنف.
(٦) الشعر والشعراء : ٥١٤
(٧) الظلع ، بتشديد اللام جمع ظالع ، وهو المائل أو المتأخر
(٨) أراجيز العرب : ٨٨ ، واللسان ـ مادة حجل ، وصل.