فقال : ما حال من يريد سفرا بعيدا بلا زاد ، ويقدم على ملك عادل بغير حجّة ، ويسكن قبرا موحشا بلا أنيس.
وقول آخر لأخ له : مددت إلى المودّة يدا فشكرناك ، وشفعت ذلك بشىء من الجفاء فعذرناك ، والرجوع إلى محمود الود أولى بك من المقام على مكروه الصّدّ.
وأنشدنا أبو أحمد (١) عن أبى بكر الصولى لإبراهيم بن العباس (٢) :
تمرّ الصّبا صفحا بساكنة الغضا (٣) |
|
ويصدع قلبى أن يهبّ هبوبها |
قريبة عهد بالحبيب وإنّما |
|
هوى كلّ نفس حيث حلّ حبيبها |
فالبيت الأول فصيح وبليغ ، والبيت الثانى بليغ وليس بفصيح.
واستدلوا على صحّة هذا المذهب بقول العاص بن عدى : الشجاعة قلب ركين ، والفصاحة لسان رزين. واللسان هاهنا : الكلام ، والرّزين الذى فيه فخامة وجزالة.
مذهب الكتاب |
وليس الغرض فى هذا الكتاب سلوك مذهب المتكلّمين ، وإنما قصدت فيه مقصد صنّاع الكلام من الشعراء والكتاب ؛ فلهذا لم أطل الكلام فى هذا الفصل.
__________________
(١) هو أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكرى ، شيخ المؤلف.
(٢) الأمالى : ٣ ـ ٩٢ ، الطرائف الأدبية : ١٣٩
(٣) فى الطرائف : «بساكن ذى الغضا».