ومن اضطراب المعنى قول أبى داود الأيادى (١) :
لو أنها بذلت لذى سقم |
|
حرض (٢) الفؤاد مشارف القبض |
حسن (٣) الحديث لظلّ مكتئبا |
|
حرّان من وجد بها مضّ |
وكان استواء المعنى أن يقول : لبرأ من سقمه ـ كما قال الأعشى :
لو أسندت ميتا إلى نحرها |
|
عاش ولم ينقل إلى قابر |
وقال تأبط شرا :
قليل غرار النّوم
تقديره قليل يسير النوم ، وهذا فاسد ؛ ووجه الكلام أن يكون ما ينام إلّا غرارا ؛ فإن احتلت له قلت : يعنى أن نومه أيسر من اليسير.
وقول أبى ذؤيب (٤) :
فلا يهنأ (٥) الواشون أن قد هجرتها |
|
وأظلم دونى ليلها ونهارها |
هذا من المقلوب ؛ كان ينبغى أن يقول : وأظلم دونها ليلى ونهارى.
وقول ساعدة (٦) :
فلو نبّأتك الأرض أو لو سمعته |
|
لأيقنت أنى كدت بعدك أكمد |
كان ينبغى أن يقول : إنّى بعدك أكمد.
ومن الخطأ قول طرفة يصف ذنب البعير (٧) :
كأنّ جناحى مضرحىّ تكنّفا |
|
حفافيه شكّا فى العسيب بمسرد (٨) |
وإنما توصف النجائب بخفّة الذنب (٩) |
|
وجعله هذا كثيفا طويلا عريضا. |
__________________
(١) الموشح ٨٨.
(٢) فى الموشح : مره.
(٣) فى الموشح : أنس الحديث.
(٤) أشعار الهذليين : ١ ـ ٢١ ، والموشح ٨٨.
(٥) فى الموشح : ولا يهنئ الواشين.
(٦) فى ط ساعد ، وهو ساعدة بن جؤية كما فى أشعار الهذليين : ١ ـ ٢٣٨.
(٧) الموشح ٨٨.
(٨) المضرحى : الصقر الطويل الجناح. وحفافيه : جانبيه. والعسيب : عظم ذنبه. والمسرد : المثقب. واستشهد له فى اللسان بالشطر الثانى من البيت ـ مادة سرد.
(٩) عبارة الموشح : وإنما توصف النجائب برقة شعر الذنب وخفته.