رُبَّ ، نحو : رُبَّهُ رَجُلاً لقيت ، وفي باب عطف الفعل على الفعل عند إعمال الثاني في ما يطلبه الأوّل فاعلاً ، نحو : ضربني وضربتُ زيداً ، أو مفعولاً لم يُسَمَّ فاعله ، نحو : أهينَ وأكرمتُ زيداً» (١).
ولعلّه لأجل هذه الملاحظة عمد ابن الخشّاب (ت ٥٦٧ هـ) إلى تعريف الضمير بقوله : هو ما «يأتي بعد مذكور ظاهر ، كقولك : زيدٌ مررتُ به ، أو ما يقوم مقام الاسم الظاهر الذي يعود الضمير إليه ، كالمتكلّم إذا قال : أنا فعلتُ ، فناب [ضمير] المتكلّم هنا مناب اسـمه» (٢).
وحدّه ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) بقوله : «المضمر : ما وضع لمتكلّم أو مخاطب أو غائب ، تقدّم ذكره لفظاً ومعنىً ، أو حكماً» (٣).
وغرضه من القيدين الأخيرين دفع ملاحظة عدم مشمول الحدّ ، وإدخال الضمائر التي يتأخّر مفسِّرها (٤) عنها ، كما يتّضـح من شرح الرضي لهذا الحدّ ؛ إذ قال : «والتقدّم المعنوي ألاّ يكون المفسِّر مصرَّحاً بتقديمه ، بل هناك شيء آخر غير ذلك الضمير يقتضي كون المفسِّر قبل موضع الضمير ، وذلك ضروب ، كمعنى الفاعلية المقتضي كون الفاعل قبل المفعول رتبة ، كضربَ غلامَهُ زيدٌ ، ومعنى الابتداء المقتضي لكون المبتدأ قبل الخبر ، نحو : في دارِه زيدٌ ... والتقدّم الحكمي أن يكون المفسِّر مؤخّراً لفظاً ، وليس هناك ما يقتضي تقدّمه على محلّ الضمير ، إلاّ ذلك الضمير ، فنقول : إنّه وإن لم يتقدّم لفظاً ولا معنىً ، إلاّ أنّه في حكم المتقدِّم ؛ نظراً إلى
____________
(١) التوطئة ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق يوسف أحمد المطوّع : ١٧٢ ـ ١٧٣.
(٢) المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : ٢٧٨.
(٣) أ ـ شـرح الكافية ، الرضي الاسترابادي ، تحقيق يوسف حسن عمر ٢ / ٤٠١.
ب ـ الأمالي النحوية ، ابن الحاجب ، تحقيق هادي حسن حمّودي ٣ / ٤٢.
(٤) المراد بالمفسِّر : الاسم الظاهر الذي يعود إليه ضمير الغائب.