فالحمد لله الذي أدرك لكم الثأر ، وأهلكهم في كلّ فجّ عميق ، وشفى الله صدور قوم مؤمنين (١).
فلمّا قدمت عليه خرّ ساجداً لله ، ودعا للمختار ، وقال : جزاه الله خير الجزاء ، فقد أدرك لنا ثأرنا ، ووجب حقّه على كلّ من ولده عبـد المطّلب بن هاشـم ، ودعا لابن الاَشتر أيضاً ، وبعث برأس عبيد الله بن زياد ورأس آخر معه إلى عليّ بن الحسين عليه السلام ـ وكان يومئذ بمكّة ـ ، فأُدخل عليه وهو يتغدّى ، فسجد شكراً لله ، وقال : «الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوّي ، وجزى الله المختار خيراً ، أُدخلتُ على عبيد الله بن زياد وهو يتغـدّى ورأس أبي بين يديـه ، فقلت : اللّـهمّ لا تُمتني حتّى تريني رأس ابن زياد» (٢).
وعـن الصادق عليه السلام أنّـه قال : «ما اكتحـلت هاشـميّة ، ولا اختضـبت ، ولا رُئـي في دار هاشـميّ دخان خمس سـنين حتّى قُتل عبيد الله بن زياد» (٣).
وعن فاطمة بنت عليّ أمير المؤمنين عليه السلام أنّها قالت : «ما تحنّأت امرأة منّا ، ولا أجالت في عينها مِرْوَداً (٤) ، ولا امتشطت ، حتّى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد».
ووردت أخبار في ذمّ المختار ، والله أعلم بحقيقة أمره ، وعلى كلّ حال فقد شفى النفوس ، وأدرك الثأر ، وانتقم الله به من الطغاة الفجّار.
____________
(١) اقتباس من الآية ١٤ من سورة التوبة.
(٢) المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ ٤ / ١٤٤ ، بحار الأنوار ٤٦ / ٥٣ ضمن ح ٢ ، عوالم العلوم ١٨ / ٨٤ ح ٣ ، مدينة المعاجز ٤ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧.
(٣) بحار الأنوار ٤٥ / ٢٠٧ ح ١٣ وص ٣٤٤ ح ١٢.
(٤) المِرود : الميل الذي يكتحل به. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٤ / ٣٢١ مادّة «رود».