دلّت عليه العقول ، من جَبْرٍ أو تشبيهٍ أو غير ذلك.
فكما (٥٣) أنّا ومخالفينا لا نوجب العلم المفصّل بوجوه هذه الآيات وتأويلها ، بل نقول كُلُّنا : إنّا إذا علمنا حكمة الله تعالى ، وإنّه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات ، علمنا ـ على الجملة ـ أنّ لهذه الآيات وجوهاً صحيحة بخلاف ظاهرها تطابق مدلول أدلّة العقل ، وإنْ غاب عنّا العلم بذلك مفصّلاً ، فإنّه لا حاجة بنا إليه ، ويكفينا العلم على سبيل الجملة بأنّ المراد بها خلاف الظاهر ، وأنّه مطابق العقل.
فكذلك لا يلزمنا ولا يتعيّن علينا العلم بسبب الغَيْبة ، والوجه في فَقْدِ ظهور الإمام على التفصيل والتعيين ، ويكفينا في ذلك علم الجملة التي تقدّم ذكرها ، فإنْ تكلّفنا وتبرّعنا بذكره فهو فضلٌ منّا.
كما أنّه من جماعتنا فضْلٌ وتبرعٌ إذا تكلّفنا ذكر وجوه المتشابه والأغراض فيه على التعيين.
[ الجهل بحكمة الغَيْبة لا ينافيها ]
ثمّ يقال للمخالفِ في الغَيْبة : ( أَتُجَوِّزُ أن يكونَ للغَيْبة ) (٥٤) وجهٌ صحيح اقتضاها ، ووجه من الحكمة استدعاها ، أم لا تُجَوِّز ذلك ؟
فإن قال : أنا لذلك مجوِّز.
قيل له : فإذا كنت له مجوّاً فكيف جعلت وجود الغَيْبة دليلاً على أنّه
__________________
(٥٣) في « أ » و « ب » : وكما.
(٥٤) ما بين القوسين سقط من « ب ».