جهته في صفات المعجِز وشروطه ، فعليه ـ حينئذٍ ـ معاودة النظر في ذلك ، وتخليصه من الشوائب ، وتصفيته ممّا يقتضي الشبهة ويوجب الالتباس.
فإنّه متى اجتهد في ذلك حقّ الاجتهاد ، ووفىّ النظر نصيبه غير مبخوس ولا منقوص : فلا بُدّ له من وقوع العلم بالفراق بين الحقّ والباطل.
وإذا وقع العلم بذلك : فلا بُدّ من زوال سبب الغَيْبة عن الوليّ.
وهذه المواضع : الإنسانُ فيها على نفسه بصيرة ، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحقّ.
[ استكمال الشروط ، أساس الوصول إلى النتيجة ]
وما للمخالف لنا في هذه المسألة إلاّ مثل ما عليه :
لأنّه يقول : إنّ النظر في الدليل إنّما يولّد العلم على صفات مخصوصة ، وشروط كثيرة معلومة ، متى اختلّ شرط منها لم يتولّد العلم بالمنظور فيه.
فإذا قال لهم مخالفوهم : قد نظرنا في الأدلّة كما تنظرون فلم يقع لنا العلم بما تذكرون أنّكم عالِمون به ؟
كان جوابهم : إنّكم ما نظرتم على الوجه الذي نظرنا فيه ، ولا تكاملت لكم شروطُ توليدِ النظرِ العلمَ ؛ لأنّها كثيرة ، مختلفة ، مشتبهة.
فإذا قال لهم مخالفوهم : ما تحيلوننا في الإِخلال بشروط توليد النظر إلاّ على سراب ، وما تشيرون إلى شرط معيّن أخللنا به وقصّرنا فيه ؟!