كان جوابهم : لا بُدّ ـ متى لم تكونوا عالمين كما عِلمنا ـ من تقصيرٍ وقع منكم في بعض شروط النظر ؛ لأنّكم لو كمّلتم الشروط واستوفيتموها لعلمتم كما علِمنا ، فالتقصير منكم على سبيل الجملة واقع ، وأنْ لم يمكننا الإشارة إلى ما قصّرتم فيه بعينه ، وأنتم مع هذا متمكّنون من أن تستوفوا شروط النظر وتستسلموا للحقّ وتخلو قلوبكم من الاعتقادات والأسباب المانعة من وقوع العلم ، ومتى فعلتم ذلك فلا بُدّ من أنْ تعلموا ، والإنسانُ على نفسه بصيرة.
وإذا كان هذا الجواب منهم صحيحاً ، فبمثله أجبناهم.
[ الفرق بين الوليّ والعدوّ في علّة الغَيْبة ]
فإن قيل : فيجب ـ على هذا ـ أن يكون كلّ وليّ لم يظهر له الإِمام يقطع على أنّه على كبيرة عظيمة تلحق بالكفر ؛ لأنّه مقصّر ـ على ما فرضتموه ـ فيما يوجب غَيْبة الإِمام عنه ، ويقتضي تفويته ما فيه مصلحته ، فقد لَحِقَ الوليُّ ـ على هذا ـ بالعدوّ.
قلنا : ليس يجب في التقصير ـ الذي أشرنا إليه ـ أن يكون كفراً ولا ذنباً عظيماً ، لأنّه في هذه الحال الحاضرة ما اعتقد في الإمام أنّه ليس بإمام ، ولا أخافه على نفسه ، وإنّما قصّر في بعض العلوم تقصيراً كان كالسبب في أنّه علِم من حاله أنّ ذلك يؤدّي إلى أنّ الشكّ في الإِمامة يقع منه مستقبلاً ، والآن ليس بواقع ، فغير لازم في هذا التقصير أن يكون بمنزلة ما يفضي إليه ممّا المعلوم أنّه سيكون.
غير إنّه ، وإنْ لم يلزم أنْ يكون كفراً ، ولا جارياً مجرى تكذيب الإِمام