والحاصل إنّ الطرف الثاني الذي تمدحه الآيات هو في مقابل الطرف الأوّل المذموم لتولّي الأمر ..
والممدوح ها هنا كما هو معروف من الروايات ولدى المفسّرين هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؛ إذ فدّى نفسـه للنبيّ صلى الله عليه وآله في ليلة المبيت على فراشـه.
وفي السورة الثانية قال تعالى : (فإذا أُنزلت سورةٌ محكمةٌ وذُكرَ فيها القتالُ رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ ينظرونَ إليك نظر المغشيِّ عليه من المـوت فأوْلى لهـم * طاعـةٌ وقولٌ معروفٌ فإذا عزمَ الأمرُ فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم * فهل عسَيْتمْ إن تولّيْتم أن تُفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكمْ * أُولئك الّذين لعنهمُ اللهُ وأصمّهمْ وأعمى أبصارهمْ) (١).
هذه الآيات تشير إلى وقوع استيلاء على مقاليد الأُمور من قبل فئة من المسلمين ، وهم : (الّذين في قلوبهم مرض) ، وهذا العنوان قد أشار القرآن الكريم إلى وجوده بين صفوف المسلمين منذ بداية نشأة الإسلام ، كما في سورة «المدّثر» ، رابع سورة نزلت على النبيّ صلى الله عليه وآله في مكّة في أوائل البعثة ..
وهذا التقارن بين سورة المدّثر وسورة محمّـد صلى الله عليه وآله دالّ على أنّ هدف هذه الفئة من الدخول في الإسلام منذ أوائل عهده هو الوصول إلى مسند القدرة وزمام الأُمور بعد النبيّ صلى الله عليه وآله ، كما هو طمعٌ وهدفٌ أُعلن على لسان كثير مـن القبائل التي كان النبيّ صلى الله عليه وآله يدعوها للدخول في الإسلام ؛
____________
(١) سورة محمّـد صلى الله عليه وآله ٤٧ : ٢٠ ـ ٢٣.