فقد كانت مشارطتهم للدخول في الدين استخلافهم على زمام الأُمور بعد النبيّ صلى الله عليه وآله ، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله يرفض هذا الشرط ، ويجيب بأنّ ذلك ليس له ، بل لله عزّ وجلّ ربّ العالمين.
ومع انضمام سورة التحريم إلى السور السابقة يتّضح جليّاً مفاد الإشارة في السور القرآنية ، وتتبيّن أوصاف مَن تُعرّض به الملحمة القرآنية.
وقد وقع نظير هذه الأنباء من الرسول صلى الله عليه وآله حول مجريات الاستيلاء على السلطة بعده ..
فقد روى البخاري ، عن عمر بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد : «قال : أخبرني جدّي ، قال : كنت جالساً مع أبي هريرة في مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله بالمدينة ومعنا مروان ، قال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدّق يقول : هلكة أُمّتي على يدي غلمة من قريش ، فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة. فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان بني فلان لفعلت ..
فكنت أخـرج مع جـدّي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام ، فإذا رآهـم غلماناً أحـداثاً قال لنا : عسـى هؤلاء أن يكونوا منهم. قلنا : أنت أعلم» (١).
قال ابن حجر في شرحه : «قال ابن بطّال : جاء المراد بالهلاك مبيّناً في حديث آخر لأبي هريرة أخرجه علي بن معبد ، وابن أبي شيبة من وجه آخر عن أبي هريرة ، رفعه : (أعوذ بالله من إمارة الصبيان. قالوا وما إمارة الصبيان؟ قال : إن أطعتموهم هلكتم ـ أي في دينكم ـ وإن عصيتموهم أهلكوكم ، إن في دنياكم بإزهاق النفس ، أو بإذهاب المال ، أو بهما) ..
____________
(١) صحيح البخاري : كتاب الفتن ب ٣ ـ فتح الباري ١٣ / ٩.