(١)
تَوَدُّ عَدِوِّي ثُمَّ تَزْعُمُ أنَّنِي |
|
صَدِيقُكَ إنَّ الرَأيَ عَنْك لَعـازِبُ |
استشهد به المحقّق الكركي في رسالته نفحات اللاهوت ، عند كلامه على وجوب موالاة أولياء الله تعالى ومودّتهم ، ومعاداة أعدائه والبراءة منهم ، وذكر عدّة آيات دالّة على ذلك ، ثمّ قال : فهذه الآيات ناطقة بوجوب معاداة أعداء الله ، بل دالّة على أنّ ذلك جزء من الإيمان ، فإنّ مخالف ذلك لا يمكن أن يكون مؤمناً ، وقاعدة لسان العرب تقتضي ذلك أيضاً ، قال الشاعر : ... ـ وذكر البيت ـ.
ثمّ قال : فمودّة العدوّ خروج عن ولاية الوليّ ، فكما يحرم الخروج عن موالاة الله وأوليائه ، كذلك يحرم الدخول في موالاة أعداء الله وأعداء أوليائه. وقد روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : «اللّهمّ لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة ، فإنّي وجدت في ما أوجبته : (لا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حادَّ اللهَ) (١).
والبيت الذي يأتي بعد هذا الشاهد :
وليس أخي مَنْ ودَّني رَأيَ عَينِهِ |
|
ولكنْ أخي مَن ودَّني وهو غائبُ (٢) |
وقائل هذين البيتين هو كلثوم بن عمرو بن أيوب بن عبيد ، المعروف بالعتّابي ، من شعراء الدولة العبّـاسـية ، اتّصل بالبرامكة فترة من الزمن ، فوصفوه للرشيد ، ووصلوه به ، فبلغ عنده كلّ مبلغ ، وعظمت فوائده منه.
____________
(١) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢ ، الدرّ المنثور ٨ / ٨٧ ، تفسير القرآن العظيم ـ لابن كثير ـ ٤ / ٣٥٣ ، نفحات اللاهوت : ٤٦.
(٢) العقد الفريد ٢ / ٢٢٧.