مطاعن الشيعة في أبي بكر : الطعن الثالث عشر : قولهم إنّه كتب إلى خالد ابن الوليد ـ وهو على الشام ـ يأمره أن يقتل سعد بن عبادة. فكمن له هو وآخر معه ليلاً ، فلمّا مرّ بهما رمياه فقتلاه ، وهتف صاحب خالد في ظلام الليل بعد أن ألقيا سعداً في بئر هناك فيها ماء : ... ـ وذكر البيتين ـ يُوهم أنّ ذلك شعر الجنّ ، وأنّ الجنّ قتلت سعداً.
فلمّا أصبح الناس فقدوا سعداً ، وقد سمع قوم منهم ذلك الهاتف ، فطلبوه فوجـدوه بعد ثلاثة أيام في تلك البئر وقد اخضرَّ ، فقالوا : هذا مسيس الجنّ.
وقال شيطان الطاق! [بل مؤمن الطاق] لسائل سأله : ما منع عليّاً أن يُخاصم أبا بكر في الخلافة؟
فقال : يا بن أخي! خاف أن تقتله الجنّ.
ثمّ ذكر ابن أبي الحديد جواب قاضي القضاة في المغني ، قال : أمّا أنا فلا أعتقد أنّ الجنّ قتلت سعداً ، ولا أنّ هذا شعر الجنّ ، ولا أرتاب أن البشر قتلوه ، وأنّ هذا الشعر شعر البشر ، ولكن لم يثبت عندي أنّ أبا بكر أمَر خالداً ، ولا أستبعد أن يكون فعله من تلقاء نفسه ، ليرضيَ بذلك أبا بكر ـ وحاشاه ـ فيكون الإثمّ على خالد ، وأبو بكر بريء من إثمه ، وما ذلك من أفعال خالد ببعيد (١).
وقال أبو القاسم الكوفي في الاستغاثة : إنّ سعداً خرج من المدينة إلى الشام في أيّام عمر ، وكان في قرى غسّان من بلاد دمشق فنزل فيهم ؛ لأنّ غسّان من عشيرته ، وكان خالد بن الوليد بالشام يومئذٍ ، وكان من
____________
(١) شرح نهج البلاغة ١٧ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، المغني ١ / ٣٩١.