الموصوفين بجودة الرمي ، وكان معه رجل من قريش يُعدُّ أيضاً بجودة الرمي ، فاتّفقا على قتل سعد بن عبادة ؛ لامتناعه من البيعة لقريش ، فجلسا في مسيره بين شجر كرم ، فلمّا مرَّ بهما على فرسه رمياه بسهمين فقتلاه ، وقالا بيتين من الشعر ونسباهما إلى الجنّ فطرحاهما بين العامّة ، فنسبت العامّة قتل سعد إلى الجنّ (١).
وأوضح الشيخ المامقاني علّة عدم بيعة سعد لأبي بكر ، بأنّه كان يريد الخلافة لأمير المؤمنين عليه السلام لا لنفسه ، واستدلّ على ذلك بما أخرجه الطبري عن أبي علقمة أنّه قال : قلت لابن عبادة ـ وقد مال الناس إلى بيعة أبي بكر ـ ألا تدخل في ما دخل فيه المسلمون؟!
قال : إليكَ عنّي ، فوالله لقد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : «إذا أنا متُّ تضلّ الأهواء ويرجع الناس على أعقابهم ، فالحقّ يومئذٍ مع عليّ وكتاب الله بيده» لا نبايع أحداً غيره.
فقلت له : هل سمع هذا الخبر أحدٌ غيرك من رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
فقال : الناس في قلوبهم أحقاد وضغائن.
قلت : بل نازعتك نفسك أن يكون هذا الأمر لك دون الناس.
فحلف أنّه لم يهم بها ولم يردها ، وأنّهم لو بايعوا عليّاً كان أوّل من بايعه (٢).
ثمّ بيّن الشيخ المامقاني كيفيّة قتل سعد قائلاً : وسبب قتله أنّ عمر بعث محمّـد بن سلمة الأنصاري وخالد بن الوليد من المدينة ليقتلاه ، فرمى
____________
(١) الاستغاثة : ٨.
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢٢١.