فلا سبيل لنا إلى مخالفتهم وسلوك غير جادّتهم ، والحال أنّهم قدوتنا في أُصول ديننا ، وعمدتنا في أركان مذهبنا ، وكيف نتّبعهم حيناً ونفارقهم حيناً : (يُحِلُّونَهُ عاماً ويُحَرّمُونَهُ عاماً) (١) .. ثمّ ذكر البيت الشعري الذي نحن بصدد بيانه (٢).
وقد روي أوّل هذا البيت على صورتين :
* الأُولى : «وما» ، كما في جميع النسخ المخطوطة التي شاهدناها واعتمدنا عليها في تحقيق الرسالة الخراجية ، والعقد الفريد (٣) ، وحكاه البغدادي في خزانة الأدب (٤).
* الثانية : «وهل» ، كما في الأغاني (٥) ، وشرح شواهد المغني (٦) ، وخزانة الأدب (٧).
وهذا الشاهد جزء من قصيدة قالها دُرَيْد بن الصمّة الجشمي يرثي أخاه عبـد الله حينما أغار على بني غطفان فأصاب منهم إبلاً كثيرة وغنائم عظيمة ، فنصحه دريد بالمسير وعدم المبيت لئلاّ تلحق بهم غطفان ، فلم يسمع نصيحته ، وبات بالقرب منهم ، فأغاروا عليهم وقتلوا عبـد الله وجرحوا دريداً ، فقال دريد قصيدته الدالية المعروفة التي يرثي بها أخاه ويذكر عدم سماعه نصيحته ، والتي مطلعها :
____________
(١) سورة التوبة ٩ : ٣٧.
(٢) الرسالة الخراجية ـ رسائل المحقّق الكركي ١ / ٢٧٩.
(٣) العقد الفريد ٦ / ٣٢.
(٤) خزانة الأدب ٤ / ٥١٣.
(٥) الأغاني ١٠ / ٧ ـ ٨.
(٦) شرح شواهد المغني ٢ / ٩٣٨.
(٧) خزانة الأدب ٤ / ٥١٣.