المراجـعة (٥٠)
قال السـيّد ـ رحمه الله ـ :
في وجه الاستدلال بخصائص أمير المؤمنين على إمامته :
«إنّ من كان مثلكم ـ ثاقب الروية ، بعيد المرمى ، خبيراً بموارد الكلام ومصادره ، بصيراً بمراميه ومغازيه ، مستبصراً برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وحكمته البالغة ونبوّته الخاتمة ، مقدّراً قدره في أفعاله وأقواله ، وأنه لا ينطق عن الهوى ـ لا تفوته مقاصد تلك السُـنن ، ولا تخفى عليه لوازمها ، عرفاً وعقلاً ..
وما كان ليخفى عليك ـ وأنت من أثبات العربية وأسنادها (١) ـ أنّ تلك السُـنن قد أعطت عليّاً من المنازل المتعالية ما لا يجوز على الله تعالى وأنبيائه إعطاؤها إلاّ لخلفائهم وأُمنائهم على الدين وأهله ، فإذا لم تكن دالّة على الخلافة بالمطابقة ، فهي كاشفة عنها ألبتة ودالّة عليها لا محالة بالدلالة الالتزامية ، واللزوم فيها بيّن بالمعنى الأخصّ ، وحاشا سـيّد الأنبياء أن يعطي تلك المنازل الرفيعة إلاّ لوصيّه من بعده ، ووليّه في عهده ..
على أنّ من سبر غور سائر السُـنن المختصّة بعليّ ، وعجم عودها بروية وإنصاف ، وجدها بأسرها ـ إلاّ قليلاً منها ـ ترمي إلى إمامته ، وتدلّ عليها إمّا بدلالة المطابقة ، كالنصوص السابقة (٢) ، وكعهد الغدير ، وإمّا بدلالة
____________
(١) أثبات : بفتح الهمزة جمع «ثَبَت» بفتحتين ، وأسناد : جمع «سَنَد» بفتحتين أيضاً ، والثبت والسند هو الحجّة.
(٢) المذكورة في المراجعة ٢٠ والمراجعة ٢٦ والمراجعة ٣٦ والمراجعة ٤٠.