أحزم ، والاستدلال به أتمّ ، لا سيّما إذا كان معتبراً سنداً على أُصول الخصم باعتراف بعض علماء طائفته.
٢ ـ إنّ الاعتبار السندي لأيّ حديث ليس بمعنى أن يكون رواته موثّقين عند جميع أئمّة الجرح والتعديل ، بحيث لو وقع في السند رجل مختلف فيه فلا يكون صحيحاً ، وذلك لأنّ الرجال المتّفق على وثاقتهم عند القوم قليلون جـدّاً ، فإنّ فيهم من يقدح في البخاري وفي مسلم ، والقدح فـي سائر أرباب الصحاح موجود في غير واحدٍ من كتبهم .. بل يكفي للاحتجاج بالخبر عدم كون رواته مقدوحين عند الكلّ أو الأكثر.
٣ ـ إنّ كلّ حديثٍ ينفرد أحد الطرفين بروايته ، فإنّه لا يكون حجّةً على الطرف الآخر ولا يجوز الاحتجاج به عليه ، وهذه قاعدة مقرّرة عند علماء الفريقـين ، وأصحابنا ملتزمون بها في بحـوثهم ، بخلاف الخصوم ، فما أكثر استدلالهم بما ينفردون بروايته في فضل أئمّتهم ، وهذا مخالف للقاعدة ..
وممّن نصّ على هذه القاعدة الحافظ ابن حزم الأندلسي ، فإنّه قال في كتابه الفصل في بداية مباحث الإمامة ، في الاحتجاج على الإمامية :
«لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدّقونها ، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها ، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجّة به ، سواء صدّقه المحتجّ أو لم يصدّقه ؛ لأنّ من صدّق بشيء لزمه القول به أو بما يوجب العلم الضروري ، فيصير حينئذٍ مكابراً منقطعاً إن ثبت على ما كان عليه ...» (١).
____________
(١) الفصل في الملل والنحل ٤ / ١٥٩.